IMLebanon

«توافق» جعجع – عون ليس كافيا لانتاج رئيس؟!

من »عون ممر الزامي الى رئاسة الجمهورية..« الى »جعجع ممر إلزامي لعبور عون الى قصر بعبدا..«؟!. هكذا أراد البعض ان يصيغ معادلة تنسجم وتطورات اليومين الماضيين..

لم يكن خافيا على أحد مشهد الارتياح والفرح على وجه سيد بكركي البطريرك بشارة بطرس الراعي وهو يستقبل ويحتضن ويعانق موفدي »القوات« و»التيار الحر«، ولاحقاً (الجنرال السابق) النائب ميشال عون، وهم يقومون »ببروتوكول« وضعه في صورة التوافق من قبل اعلان رئيس »القوات اللبنانية« سمير جعجع، من دارته في معراب، ووسط حشد حزبي وسياسي كثيف، ترشيحه »خصمه اللدود« الجنرال عون لرئاسة الجمهورية..

بعيداً عن التفاصيل والحسابات الشخصية، فإن ما لا شك فيه ان »الخطوة الجريئة« التي أقدم عليها جعجع، أحدثت اختراقاً لافتاً في الوضع السياسي من السابق لأوانه الحديث عن تفصيلاته وكيف سيترجم لاحقاً ووفق أي خريطة وبرامج عمل.. وذلك على الرغم من غياب أي ضمانات بأنها ستصل الى مبتغاها الذي استقرت عليه اللقاءات والمشاورات والمباحثات منذ أكثر من شهر ونصف الشهر.. إذ ليس لدى جعجع ضمانات بأن »حلفاءه« سيلاقونه حيث يريد، ويباركون خطوته التي لم تنزل »برداً وسلاماً« على كثيرين، وليس لدى عون ضمانات بأن حلفاءه الذين تمسكوا به واعتبروه »ممراً الزامياً الى رئاسة الجمهورية« سيسارعون الى تقبل التهاني ورفع الكؤوس والتهليل وتقبل التبريكات؟!

انسحاب جعجع (الضمني) من السباق الرئاسي لم يكن وليد اللحظة، فهو وقد وصل الى قناعة ان الطريق الى بعبدا مقفلة في وجهه، وجدها فرصة سانحة ليبيع المسيحيين موقفاً على خلفية »الخطر الوجودي الكياني الذي يتهدد المسيحيين« والذي اعتبره سيد معراب »أولوية في كل المراحل السياسية التي مرّ بها ودفع ثمنها ماضيا في السجن وحاضراً في الاقصاء عن الحكم والحكومة« على ما تقول مصادر مقربة.. وذلك بخلاف الجنرال عون الذي مضى في خياره – وان كان على يقين بأن وصوله الى مبتغاه في رئاسة الجمهورية من المستحيلات ضمن التوزعات القائمة حالياً – ومع هذا، فإن ما بعد ترشيح جعجع لعون غير ما قبله؟! وان ميشال عون في بعبدا لن يكون بالتأكيد ميشال عون الرابية، وحرية الحركة التي طالما تفاخر بها ستكون مقيدة كفاية وفق برنامج النقاط العشر التي قدمها رئيس »القوات« كبرنامج للمرحلة الآتية..

المسألة أكثر تعقيداً مما يتصور كثيرون، وتوافق »القوات اللبنانية« و»التيار الوطني الحر« لا يعني بالضرورة اتفاقاً مسيحياً (مارونياً) مكتمل النصاب، على ما أظهرت وستظهر الأيام التالية، وبدت مؤشراته الأولى في اعلان رئيس تيار »المردة« النائب سليمان فرنجية أنه ماض في ترشحه لرئاسة الجمهورية ولن يتراجع، كما والتحفظات التي صدرت عن فريق »المستقلين« في قوى 14 آذار وغموض موقف حزب »الكتائب« الذي سيتضح اليوم على ما يقال، ناهيك بموقف سائر الافرقاء، حيث انقلب المشهد من الدعوة الى معادلة »ليتفق الافرقاء المسيحيون ونحن من ورائهم« كما كان يقول الرئيس نبيه بري ويكرر، الى معادلة من نوع آخر، أطلقها رئيس كتلة »المستقبل« الرئيس فؤاد السنيورة بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي قبيل ساعات من »اعلان معراب«، وخلاصتها »ان انتخاب رئيس للجمهورية ليس شأنا مسيحياً فقط، ولكن أيضا هو شأن لبناني بامتياز.. فجميع اللبنانيين (مسيحيين ومسلمين) معنيون بانتخاب رئيس الجمهورية، ولذلك يجب ان يكون هناك جهد لنصل الى هذا الشخص الذي يستطيع جمع اللبنانيين بكل انتماءاتهم السياسية، على قاعدة احترام الوطن والدستور وتعزيز العيش المشترك بين اللبنانيين..« وهي مسألة غير متوافرة مع الجنرال عون على ما كان درج »المستقبل« على اشاعته منذ اللحظة الأولى لترشح عون الذي حظي بمباركة غير مسبوقة من حليفه »حزب الله«.؟!

معادلة »ليتفق المسيحيون ونحن من ورائهم« سقطت ولم يعد لها من داع.. واذ كان »التيار الحر« و»القوات« يمثلان ثقلاً وازناً في »المارونية السياسية« إلا أنه من المبالغة حصر التوافق المسيحي – المسيحي فيهما وتجاهل سائر الآخرين.. لاسيما وان النائب فرنجية لايزال عند موقفه الرافض الانسحاب، وان كان البعض يذكره بما كان يردده لجهته ان خياره الاول هو عون، وحزب »الكتائب«، الذي انشغل طوالى الأربع والعشرين ساعة في اجراء محادثات ومشاورات تجاوزت حدود الحزب تمهيداً لصدور القرار المتوقع اليوم، لايزال متمسكاً بخياره الرئيس أمين الجميل..

– لا توافق مسيحيا.. من أقصى المتطرفين الى أقصى المعتدلين

– و»المستقبل« على ما يظهر متمسك بأن الاستحقاق مسؤولية وطنية وليس شأنا مسيحياً فقط.. مع ميل واضح لـ»مرشح التسوية« النائب فرنجية..

– والرئيس نبيه بري، الذي يعتصم بالصمت، كان ومرّر عبر زواره أنه »يفضل الف مرة بقاء الشغور من ان يصل ميشال عون الى رئاسة الجمهورية«. فإن جديده أمس كان في اعلان الوزير علي حسن خليل بعد زيارته رئيس »الكتائب« سامي الجميل، أننا »لانزال في مرحلة دراسة المعطيات المستجدة في ملف الرئاسة حرصاء على انجاز الاستحقاق..«؟!

– أما »حزب الله«، الذي تعامل مع الحدث بكثير من »التهميش«، فلن يكون قادراً على توفير السكة لعبور عون الى القصر الجمهوري..

– إضافة الى رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط، الذي يشاطر الرئيس بري كامل مشاعره وأكثر.. لاسيما وان بيان النقاط العشر الذي تلاه جعجع كأساس لترشيح عون يحمل في ذاته الكثير من الغموض والعبارات المطاطة القابلة للأخذ والرد والاجتهاد في كل اتجاه..

لن يكون من السهل تجاوز كل هذه المطبات.. والمشهدية التي حفلت بها »معراب« ذات دلالة، وقد أعادت الاعتبار لمكونين سياسيين حاضرين في صناعة القرار السياسي.. وان افتقدا القدرة على صناعة الرؤساء؟!