لا تبدو الخيارات واسعة أمام الحكومة لإيجاد الوسائل الملائمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والتي تهدد بالأسوأ في حال لم تتم المبادرة إلى سلوك طريق الإنقاذ التي أشار إليها الرئيس سعد الحريري بعد جلسة مجلس النواب، حيث يجمع الخبراء الاقتصاديون على أن المطلوب شجاعة في اتخاذ القرارات التي لا يجب أن تطال الطبقات الفقيرة لوحدها، وإنما ينبغي أن تكون هناك خطة مدروسة تأخذ بعين الاعتبار أهمية القيام بإصلاحات فاعلة تنقذ الاقتصاد، من خلال إقرار موازنة تقشفية إلى أبعد الحدود، تختلف كلياً عن الموازنات التي كانت تعتمد في السنوات الماضية.
واستناداً إلى الأرقام المتواضعة التي حققها الاقتصاد اللبناني في السنوات الماضية، فإن الإصلاحات كما تشير أوساط وزارية لـ«اللواء» باتت حقيقة لا مفر منها، استجابة لشروط مؤتمر «سيدر» الذي يشكل رافعة هامة للبنان للخروج من أزمته، الأمر الذي يفترض تفهماً من جانب القوى السياسية، لضرورة دعم في الإجراءات التي تنوي القيام بها، مشددة على أنه يجري البحث في مروحة واسعة من الخيارات، من دون أن يتم التوافق على أي منها حتى الآن، لكن ما يمكن قوله أن كل القوى السياسية مجمعة على أن وضع الاقتصاد قارب الخطوط الحمر، ولا بد من الإسراع في اتخاذ التدابير الإنقاذية المطلوبة قبل فوات الأوان.
وتكشف أن اجتماعات متتالية سيعقدها الرئيس الحريري بعد عودته من المملكة العربية السعودية، في إطار المشاورات التي يجريها بشأن إقرار الموازنة التي يصر على أن تكون تقشفية بكل معنى الكلمة، وهو قد توافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على هذا الأمر، وسيكون صريحاً في وضع القوى السياسية عند مسؤولياتها، بهدف توفير التغطية الضرورية للإجراءات التي ستتخذ، في إطار السعي لخفض عجز الموازنة، كما طالب البنك الدولي الذي يعتبر أن لبنان تأخر في الإصلاحات التي وعد بها الدول المانحة في مؤتمر «سيدر»، على أن يصار إلى تحديد طبيعة الإجراءات التي ستعتمد في جلسات الحكومة المقبلة، بعد التوافق عليها، ومن ثم يصار إلى إحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها.
وتشير الأوساط إلى أن الإجماع الرئاسي على الإسراع في إنجاز الموازنة، لن يطيل مدة المناقشات المتعلقة ببنودها، حيث أن كل الوزراء وضعوا في أجواء حتمية خفض موازناتهم وزاراتهم، لضمان التوصل إلى موازنة رشيقة بإمكانها المساعدة على تخفيف الأعباء عن المالية العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار لمطالب الفئات الشعبية التي يجب أن تكون متفهمة هي الأخرى لدقة الظروف الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد اللبناني، والتي تحتم أن يتكاتف الجميع للخروج من هذا النفق، قبل أن تتفاقم الأمور وتصل إلى وضع لا يمكن التكهن بتداعياته على لبنان برمته، مشددة على أن لغة الشارع تحمل في طياتها مخاطر ليست في مصلحة أحد، خاصة وأن ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة، سيما وأنه لم يتم التوافق على أي إجراء لاتخاذه.
وعلمت «اللواء» أن الاجتماعات الوزارية التي تعقد برئاسة الرئيس الحريري، ستبحث في المزيد من الأفكار العملية التي تساعد على خفض العجز في الموازنة وترفع من واردات الخزينة، مع الاستعداد للانفتاح على عدد من مقترحات الخبراء الاقتصاديين التي تصب في إطار وجهة النظر الحكومية الآيلة إلى الوصول إلى موازنة متوازنة، لا تزيد من الأعباء المالية على كاهل الخزينة، وتتجاوب مع مستلزمات المانحين.