Site icon IMLebanon

الرئيس التوافقي طرحٌ روسي قديم ـ جديد

لا يزال البحث الداخلي في الملف الرئاسي اللبناني يراوح مكانه. أما على الصعيد الخارجي، فإنه لا يشكل اولوية دولية نظراً الى انشغالات العالم بالأزمات في المنطقة. وتكشف مصادر ديبلوماسية في عاصمة دولة كبرى، انه في المدى المنظور لا رئيس الا اذا اخترق اللبنانيون انسداد الافق في ما بينهم وتفاهموا على رئيس.

وأي رئيس يتفاهمون عليه، لن تعمل اي جهة على معارضة وصوله. وتشير هذه المصادر، الى ان موسكو عادت لتؤيد التوجه الذي يقوم على انتخاب رئيس توافقي حيث يجب ان يكون هناك مرشح ثالث، غير النائب سليمان فرنجية، والجنرال ميشال عون، إذ إن الروس باتوا يفهمون صعوبة وصول أحد هذين المرشحين، وبالتالي عادوا ليؤيدوا من جديد رئيساً توافقياً، وهم دائماً في الاساس مع هذا التوجه، في مشاوراتهم واتصالاتهم الدولية، لانهم يعتبرون ان اهميته تكمن في جمع اكبر عدد ممكن من اللبنانيين حوله.

وكان موقف الروس واضحاً، حيث لم يكونوا ضد عون في المطلق، الا انهم اعتبروا انه فشل في ايجاد توافق حول اسمه، وبالتالي كانوا قد دعوه الى الانسحاب من موضوع الرئاسة. ثم ايّد الروس خطوة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية، واعتبروها ايجابية وتمنوا على كل الافرقاء الاستفادة من هذه الفرصة لإنهاء ازمة الرئاسة والمجيء برئيس يتم التوافق حوله. ولكن لم يتفاهم كل الاطراف في 14 و8 آذار حوله. وبالنسبة الى الروس لا قرار ايرانياً بتسهيل انتخاب رئيس. والروس الآن لا يطرحون اسماء محددة لكنهم يدركون ان هناك شخصيات عديدة يمكن ان تصل الى سدة الرئاسة من باب التوافق. كما أن هناك اتجاهاً روسياً مفاده انه في ظل استمرار هذه الازمة وانعكاساتها الداخلية، هناك ضرورة للبحث عن مخرج عبر مرشح ثالث توافقي.

وتفيد مصادر ديبلوماسية اخرى، أن كل المؤشرات التي كانت تلوح الى إمكان حصول اختراق في الملف اللبناني، نتيجة اجواء تهدئة في المنطقة، وتحديداً في ملفَي سوريا واليمن لم تكن دقيقة. إذ إن التوتر الخليجي الايراني هو حالياً في اقصى نسبة. حتى إن ما يحصل في الملف اليمني بالنسبة الى المفاوضات ليس مؤشر تقارب عربي فارسي، انما جاء بناءً على عوامل داخلية يمنية ويمنية سعودية، إذ لم يحصل في خلفيته اي نوع من انواع التفاهم الخليجي الايراني حول اليمن. ذلك إن التهدئة لها اسبابها، ولم تكن مرتبطة بتفاهمات لا اقليمية ولا دولية. ومن بين اسبابها الاستعداد من قبل كامل الاطراف المعنية بالحرب اليمنية للقبول بالتسوية، نظراً الى الكلفة المرتفعة للاستمرار في الحرب. هناك استنزاف في اليمن والحوثيون تعبوا من هذا الوضع ومن خلافاتهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وحصلت بعض الوساطات الداخلية، ودور خليجي في الذهاب الى طاولة التفاوض. على كلٍ التفاوض اليمني لم يحرز حتى الآن اي تقدم.

وايضاً في الملف السوري، سعى الاميركيون والروس معاً الى تهدئة طويلة الامد، لم تنجح حتى الآن. الرئيس الاميركي باراك اوباما يريد فعل شيء في سوريا امام الكارثة الانسانية التي تحصل في عهده. ثم إن استمرار الوضع السوري على حاله لا يساعده في الحرب على «داعش»، ويريد فعل شيء من دون اي تكلفة سياسية او ديبلوماسية. وجرى التفاهم مع الروس بعد انقطاع الحوار بسبب المسألة الاوكرانية، على نقطة مشتركة، وهي وقف الاعمال العدائية فقط، انما ليس هناك ابعد من ذلك او خطة متكاملة للحل السوري، حتى إن التحضيرات قائمة لمعركة حلب.

لذا، في ما خص لبنان، لا تفاهمات اقليمية او دولية او مبادرة داخلية مهيأة للنجاح. واذا كان الانتظار هو السائد، فانه سيطول جداً، إذا لم يعمد الافرقاء الداخليون الى اتخاذ المبادرة وايجاد الحل. إذا تفاهم الداخليون، فليس من طرف خارجي سيقول لهم لا. أما إذا استمروا في انتظار كافة العرابين للموافقة، بحسب المصادر، وليكون لهم دور في التسوية، فإن الأمر سيطول.

فكرة الرئيس التوافقي ليست جديدة على الروس، وهي مطروحة منذ سنة. لكنهم لا يؤثرون فعلياً لا على «حزب الله» ولا على اي طرف لبناني. فعلى اي جهة يستطيع الروس الضغط حتى لو كانوا في سوريا مشاركين في المعركة ولديهم الضرب بالطيران، لأن السؤال المطروح هو عن مدى تأثيرهم على الاطراف التي يفترض أن تجد حلاً للموضوع الرئاسي.