IMLebanon

إجماع «نظري» على الانتخابات البلدية

المشنوق لـ«السفير»: من يرد التمديد فليتحمّل المسؤولية

إجماع «نظري» على الانتخابات البلدية

هل من إرادة سياسية فعلية لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها؟ حتى اليوم يبقى احتمال التمديد متساوياً تماماً مع احتمال الالتزام بالاستحقاق البلدي.

بعكس الانتخابات النيابية، لا أحد حتى الآن يجاهر بموقفه الرافض لفتح الصناديق البلدية في موعدها «لأسباب أمنية أو سياسية» أو «لأن الظروف الإقليمية والداخلية لا تسمح بذلك». الجميع يشجّع ويؤيّد، لكن «وشوشات» الغرف المغلقة تشي بأمرين: لا همّة سياسية للانشغال بحسابات البلديات الكبرى وصولاً إلى حرتقات الأحياء والقرى، والرهانات تتزايد بشأن التطورات الآتية، والتي ستكون كفيلة بجعل الانتخابات البلدية «ترفاً» ليس وقته الآن!

وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي زار كلاً من العماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط، متفائل. ويجزم لـ «السفير أن «الانتخابات البلدية ستحصل في موعدها الصيف المقبل»، مؤكداً أن «معظم المواقف التي سمعتها من القيادات السياسية التي التقيتها، إيجابية».

ويضيف «من واجبي أن أدعو إلى إجراء الانتخابات، وحالياً استكمل جولاتي على القوى المعنية لأخذ رأيها، وحتى لا يتفلسف عليّ أحد لاحقاً، سأقوم بواجبي ومن يرد أن يمدّد فليتحمّل المسوؤلية»، جازماً بأنه يعمل على هذا الخط بمعزل عن تطوّرات الملف الرئاسي.

حتى اليوم، ثمة معطيان واضحان: وزارة الداخلية جاهزة لإتمام المهمّة، من رؤساء الأقلام الى إحصاء مراكز الاقتراع وصولاً الى لجان القيد العليا (قيد التحضير)، مع العلم أن دعوة الهيئات الناخبة ستتمّ في آذار المقبل، وستشمل أولاً محافظة جبل لبنان في الأول من أيار (يوم أحد). يبقى تمويل العملية الانتخابية، وهذا يحتاج إلى فتح اعتماد بقرار صادر عن مجلس الوزراء.

المعطى الثاني أن القوى المسيحية بشكل أساسي تبدي حماسة لافتة حيال الاستحقاق البلدي، على رأسها «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» و «الكتائب»، لكن لا يُرصد لدى الرابية حتى اليوم ما يشير الى «استقتال» العونيين لجعل «البلديات» معركتهم المقبلة كما فعلوا في مواجهة التمديدين الأول والثاني لمجلس النواب والتمديد للقيادات الأمنية.

«تيار المستقبل» مع الانتخابات البلدية، الرئيس نبيه بري يؤيّد، وكذلك النائب وليد جنبلاط، هذا ما يؤكّده المشنوق. أما «حزب الله» فتفيد أوساطه بأنه «لا يزال في إطار درس الموضوع وتوجيه الأسئلة إلى المعنيين حول إمكانية إجراء الانتخابات، فيما التشاور قائم مع الرئيس بري وسائر الحلفاء».

لكن هذه «البانوراما» البلدية يصعب فصلها عن مسار الانتخابات الرئاسية والأزمة الحكومية و «كوما» التشريع، واستطراداً تفاعلات الصراع الإيراني ـ السعودي المستجد الذي لفح بقوة توازنات الداخل من دون أن يسقطها.

ويقدّم المتشائمون من إمكانية إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، مقاربة واقعية لمسار التطوّرات: صحيح أن قوى «8 و14 آذار» تلتقيان نظرياً عند ضرورة إتمام الاستحقاق البلدي، إلى حدّ المزايدة المكشوفة، وصحيح أن بعض البلديات الكبيرة والمؤثرة تتصرّف على أساس أنها على موعد مع منافسة محمومة الصيف المقبل، وصحيح أن وزارة الداخلية في قمة جهوزيتها، لكن ذلك لا يعني أن الانتخابات البلدية ستحصل في وقتها.

آخر الهيئات المنتخبة في لبنان، أي المجالس البلدية، قد تواجه خيار التأجيل كما الرئاسة الأولى، والتمديد كما مجلس النواب، إذا رسا القرار السياسي على ذلك. ويقول هذا الفريق «إن الصراع الإقليمي الذي فرض التمديد لأكثر من ضابط، وقاد الى تجديد ولاية كاملة لمجلس النواب، وفرض الشغور الرئاسي، وعطّل أعمال الحكومة، قد يؤدي هو نفسه الى إبقاء رؤساء البلديات والمخاتير في مواقعهم. التأجيل هنا يتطلّب صدور قانون عن مجلس النواب. والنتيجة الإبقاء على 1018 بلدية «زيّ ما هيّ»، وتأجيل البتّ في مصير أكثر من 45 بلدية منحلة مع إبقاء سلطة المحافظ والقائمقام عليها، وتأجيل الانتخابات في 14 بلدية مستحدثة».

ويسجّل متابعون أكثر من ملاحظة على خط الانتخابات البلدية:

ـ هل من مصلحة فعلية لبعض القوى السياسية بتجديد دم البلديات بعد أشهر قليلة، في وقت يُحكى عن دور مركزي وأساسي للبلديات ضمن الحل المستدام لملف النفايات؟

ـ تتطلّب الانتخابات البلدية جهوزية أمنية لا تقلّ شأناً عن الجهوزية المطلوبة أثناء الانتخابات النيابية. وإذا كان من المسلّم به أن الحساسيات السياسية لا تغيب عن صناديق البلديات والتي تدفع أحياناً كثيرة قيادات وزعامات إلى التشمير عن زنودها والغرق في متاهات العائلات وحسابات الزواريب، فما الذي تغيّر كي يصبح الأمن عاملاً مسهّلاً في الانتخابات البلدية التي ستلامس قرى الحدود، فيما كان عاملاً معطّلاً في الانتخابات النيابية؟ هذا مع العلم أن الحماسة التي تبديها حالياً بعض القوى السياسية (من نادي المتحمّسين عادة للتمديد) تحصل في ظل أجواء سياسية محقونة جداً قد تنذر بالأسوأ.

ـ ما مصلحة بعض القوى السياسية في أن تشكّل البلديات «بروفا» لمناخات وتحالفات جديدة حاسمة في البلديات الكبرى قد تقلب المعايير، وتلاقي ترجماتها اللاحقة في الانتخابات النيابية؟

ـ هل يمكن لحكومة تصارع من أجل عقد جلسات وزارية بالقطارة أن تشرف على انتخابات تحتاج إلى توافق سياسي جامع واستقرار أمني؟ وهل يمكن أن تستثنى بعض المناطق من العملية الانتخابية بسبب حساسيتها الأمنية؟