IMLebanon

تروٍّ… لكنّ المفاجآت متوقعة

ما كان ينقص البلاد الّا تعطيل الحكومة ليجعلها حكومة تصريف أعمال، ليكتمل عقد التعطيل فيها، مشفوعاً بالفراغ الرئاسي المستمر منذ اكثر من عام، وكذلك تعطيل التشريع في مجلس النواب الذي يكاد يعرّض المجلس للحلّ او للانحلال لو كان للبلاد رئيس جمهورية يطلب حلّه لعدم انعقاده في دورة تشريعية عادية كاملة، في سابقة قد تكون نادرة في تاريخه.

يأخذ الرئيس تمام سلام وقته الكافي لإعداد العدة اللازمة لمنع تحوّل حكومته حكومة تصريف اعمال، مؤثراً التروّي في التعاطي مع مواقف المعترضين او المعطلين مستنداً الى تجربته في التعاطي مع مواقف مشابهة ايام تأليفها الذي تأخّر أكثر من عشرة أشهر.

وتشير الوقائع والمعطيات الماثلة الى انّ الطريقة التي يعالج بها موضوع تعديل انعقاد جلسات مجلس الوزراء تعتمد مجموعة عوامل تكاد تتحوّل ثوابت لدى المعنيين بالشأن الحكومي، لعلّ أبرزها:

اولاًـ عدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في جلسات غير مأمونة العواقب، بحيث لا يدعى المجلس الى ايّ جلسة الّا اذا كانت مضمونة الانعقاد والنتائج.

ثانياًـ الرهان على عامل الوقت لتبريد الاجواء والتهدئة على جبهة الخلاف السياسي عموماً وفي الملف المختلف عليه خصوصاً، وهو ملف التعيينات الامنية والعسكرية.

ثالثاًـ محاولة الاستفادة من فسحة عدم انعقاد مجلس الوزراء التي قد تمتد طوال شهر رمضان المبارك والرهان على معطيات جديدة قد تدخل على خط المعالجة.

رابعاًـ تراكم كمّ من المصالح المرتبطة بعمل الحكومة الى درجة تفرض على الاطراف المعنية تقديم تنازلات.

خامساًـ إستمرار دينامو رئيس مجلس النواب نبيه بري في خبرته التاريخية بهذا النوع من الأزمات، في محاولة البحث عن مسارب تُخرج البلاد من حالة المقاطعة والتعطيل السائدة الى آفاق الانفراج، علماً انّ العقدة الكبرى تبقى معالجة الأسباب الجوهرية لهذه المقاطعة والتعطيل وهي موقف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون المبدئي من التعيينات العسكرية والامنية وتضامن حزب الله في الموقف معه، وهذه القضية بالذات هي أصل الخلاف.

لكن يبدو انّ تحقيق مطالب عون في هذا الصدد غير وارد لدى المعنيين في رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، إذ لا إمكانية جدية لتعيين قائد جديد للجيش في ظل الفراغ الرئاسي، وانّ الاكثرية فَهمَت زيارة رئيس الحكومة الأخيرة لليرزة وكأنها الخَتم غير الرسمي على أهمية وجود العماد جان قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة.

وعلى هذا الاساس فإنّ ما يحصل الآن هو سياسة الهروب من الانفجار، او على الاقل تأجيله رهاناً على تلك العوامل الآنفة الذكر، او على مسجد أقصى دولي يحدث اختراقاً نوعياً في المأزق السياسي الحالي الذي يتحكّم بالملف الحكوي.

وهناك من يراهن على تعب عون من الاصرار على مطلبه او على من يطلق صرخة الآخ اولاً، خصوصاً انّ الطرف الاساسي القائد للحكومة تكمن مصالحه الاساسية في استمرار ديمومة السلطة وحيويتها.

وفي المعلومات انه على رغم وجود إجماع غربي واقليمي على حيوية بقاء قهوجي في قلب المشهد ربطاً بمجموعة من المعطيات، أهمّها موقع الجيش في الحفاظ على منظومة الاستقرار الحالية ودور قهوجي المحوري كمظلّة أمان للجيش أمام التحديات التي يتعرّض لها، فإنّ الامور تبقى عرضة لمفاجآت وتصعيد غير متوقع في ظلّ ضغط الملف العرسالي والقلموني والتطورات العسكرية السورية.