IMLebanon

مؤامرة على لبنان وجيشه ؟!

في العام 1973، اي منذ 42 سنة، شن الجيش المصري هجوما كبيرا مفاجئا على القوات الاسرائيلية التي احتلت كامل صحراء سيناء في حرب العام 1967، وكامل الضفة الغربية وغزة، ومنطقة الجولان السورية.

اسرائيل اطلقت على حرب العام 1973 اسم «حرب الغفران» في حين ان المصريين اطلقوا عليها اسم «حرب العبور» لانها بدأت بعبور القوات المصرية قناة السويس، الحاجز المائي الرملي المخيف الذي اعتبرته اسرائيل انه عصي على العبور من قبل الجيش المصري، لكن ارادة تحرير الارض لدى المصريين، مقرونة بعامل المفاجأة، والخطط العسكرية المدروسة جيدا، جعلت من عملية عبور القناة الاسطورية، حالة تدرّس في المعاهد العسكرية، لان هذا العبور غير المنتظر، سمح للقوات المصرية بالاندفاع عميقا في تحرير صحراء سيناء، مدمرة الدبابات والآليات والمواقع الاسرائيلية، بحماية الطيران المصري والصواريخ المضادة للطائرات التي استخدمت على نطاق واسع في حرب العبور، لشل قدرة الطيران الاسرائيلي، وهذا ما حصل.

بعد استفاقة القيادة الاسرائيلية من المفاجأة، تبين لها ان قوتها البرية من عناصر وآليات وذخيرة وخطوط اتصالات، قد لحق بها تدمير كبير ما عطل معظمها، كما ان طيرانها لم يعد قادرا على وقف زحف المصريين، فاستعانت فورا بحليفتها الولايات المتحدة الاميركية وبدول اوروبية حليفة، لتزويدها بالسلاح والذخيرة، فلبت هذه الدول الاستغاثة سريعا، واقيم جسر بري عاجل، كان يعمل على مدار الساعة لايصال الامدادات الى اسرائيل التي كانت تسارع في ارسالها مباشرة الى المعركة في سيناء، فتمكن الاسرائيليون عندها من فتح ثغرة في الدفاعات المصرية، واقيم بسببها نوع من التوازن العسكري جر لاحقا الى المفاوضات المباشرة بين مصر واسرائيل وزيارة الرئيس المصري انور السادات الى الكنيست الاسرائيلي، وتوقيع اتفاق سلام بين البلدين في مقابل انسحاب اسرائيل من سيناء، واقامة منطقة محدودة السلاح نوعاً وكمّاً.

***

بعد اشهر طويلة من التلكؤ المريب في تزويد الجيش اللبناني بالسلاح الضروري للدفاع عن ارض الوطن وسيادته وشعبه، من قبل الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، وغيرها من الدول الاخرى، التي تدّعي صداقة لبنان، على الرغم من ان لبنان، لا يشحذ السلاح والعتاد من هذه الدول، كما تفعل اسرائيل، بل ان المملكة السعودية سارعت، بعد اتصالات مع الرئيس العماد ميشال سليمان، الى تخصيص مبلغ ثلاثة مليارات دولار لتعزيز قدرات الجيش اللبناني تسليحا وتدريبا وتذخيرا من فرنسا، بصفتها الدولة الصديقة والقريبة من لبنان، ثم اضافت مليارا جديدا، بعد تهديدات وعقوبات التنظيمات التكفيرية واعتداءاتها على البلدات والقرى اللبنانية، وعلى مراكز الجيش في مناطق الحدود الشرقية.

بعد هذا الوقت الطويل من علامات الاستفهام حول الاسباب الحقيقية، لعدم تزويد الجيش بما هو بحاجة اليه، كان لا بد من التذكير بهرولة الولايات المتحدة واوروبا لمساعدة اسرائيل، وعدم اهتمام «الدول الصديقة» وحتى بعض «الدول الشقيقة» بالثمن الكبير الذي يدفعه لبنان من دم ضباطه وجنوده ومدنييه، وهو يحارب الارهاب والارهابيين نيابة عنهم، جميعهم، وقول الناطق باسم الادارة الاميركية بعد الاعتداء الوحشي على مركز المراقبة المتقدم في تلة الحمراء وسقوط عدد من الشهداء والجرحى، انه يجب تسريع عملية تزويد لبنان بطائرات حربية من الاردن والامارات، هو نوع من التحذير الذي لم يعد يعني لبنان بشيء، ان لم يقترن بتدابير سريعة جدا لتسليم الاسلحة التي دفع لبنان ثمنها مسبقا. كما ان موقف فرنسا المتردد بتسليم لبنان جزءا من الصفقة الكبيرة، لا يصب في مصلحة الصداقة والاخوة اللتين تربطان الشعبين اللبناني والفرنسي.

لو ان الاسلحة المناسبة متوافرة بيد الجيش، كان ربما حال دون سقوط هذا العدد من الشهداء والجرحى، وخصوصا في معركة التلة الحمراء، التي قاوم جنودنا الابطال لساعات قبل سقوطها بيد الارهابيين، وانتظار النجدة.

كبير جدا الثمن الذي يدفعه لبنان، من جراء ما يدور في سوريا، ان كان على الحدود في مواجهة الارهاب والتكفير، او في الداخل في مواجهة النازحين السوريين ومشاكلهم، ومع ذلك لا يشعر اللبنانيون انهم بدائرة اهتمام احد، باستثناء قلة قدمت الكثير، الذي قد يكون كافيا لو اتى، او قد يأتي في وقته، وعند الحاجة اليه، واستمرار هذا «التطنيش» سوف يدفع باللبنانيين الى اعتباره جزءا من مؤامرة للاطاحة بوطنهم ولذلك فان قيادة الجيش والحكومة اللبنانية، مدعوتان الى الاعلان عن حقيقة ما يدور، ورفع الصوت في وجه المعرقلين، حفاظا على كرامة لبنان ودماء جنودنا.