IMLebanon

ثوابت

منذ حصول العشاء السرّي بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية في العاصمة الفرنسية وتسريب معلومات عن ترشيح رئيس التيار الأزرق، رئيس تيّار المردة لرئاسة الجمهورية، والحركة السياسية الداخلية في حالة غليان، والاتصالات لا تهدأ على كل الجبهات من 8 آذار إلى 14 آذار التي قيل أن قياداتها فوجئت بالأمر، وهي في الأصل لم تكن تتوقّعه كونه يشكّل خروجاً بل إنقلاباً على ثوابتها ومبادئها الوطنية، ذلك أن وصول نائب زغرتا بكل توجهاته السياسية والتزاماته الإقليمية لا يختلف بشيء قليل أو كثير عن وصول العماد عون الذي تعارضه كل قيادات وقوى الرابع عشر من آذار وتعتبره إنقلاباً على كل ثوابتها وكل المبادئ التي قام عليها هذا التحالف منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولا يزال يناضل للمحافظة عليها ويتصدى بثبات لكل المحاولات التي تستهدفها.

لقد مرّت قوى الرابع عشر من آذار منذ نشأتها في صعوبات كثيرة، تداخلت فيها عدّة عوامل خارجية وإقليمية ومحلية لضربها وإنهائها لكنها صمدت في وجه كل هذه المحاولات وحافظت على وحدتها وعلى توحدها حول ثوابتها، وإذا كانت تواجه هذه الأيام إمتحاناً أو إختباراً جديداً فمن المؤكد أنها ستتجاوزه بنجاح ولو كان هناك ثمّة اختلافات في وجهات النظر أو في التكتيكات السياسية، طالما أن جميع مكوناتها ملتزمه بالثوابت والمبادئ التي تنضوي تحتها.

ولا يخرج الجدال الدائر هذه الأيام حول ترشيح نائب زغرتا لرئاسة الجمهورية من قِبَل رئيس تيّار المستقبل عن السياق العام الذي تسير عليه باقي قيادات قوى الرابع عشر من آذار وهو ملء الشغور في رئاسة الجمهورية بالتوافق بين الفرقاء اللبنانيين بعدما استحال على أي فريق فرض مرشحه على الآخرين، من دون أن يعني ذلك خروجاً على ثوابت 14 آذار ومبادئها الوطنية المعروفة، ولا تحوّلاً من موقع إلى آخر أو رغبة في خلط الأوراق السياسية وذلك انطلاقاً من حرص قيادات هذه القوى على الدولة والجمهورية وعلى وحدة الشعب والأرض، ومما لا شك فيه أن البحث في طرح نائب زغرتا يأتي في هذا السياق تماماً كما حصل مع العماد ميشال عون كمرشح لرئاسة الجمهورية بإسمه وإسم حليفه الأساسي حزب الله وكل مكونات الثامن من آذار ومنهم النائب سليمان فرنجية.

قيل وقتها الكثير ونسجت عدّة سيناريوات حول مصير قوى الرابع عشر من آذار وحول اختلاط الأوراق لكن الأمور ما لبثت أن عادت إلى طبيعتها وبقيت 14 آذار ثابتة في مواقفها وثابتة على مبادئها، وعلى وحدتها كما هي ثابتة على الانفتاح على الآخر للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تُنهي الفراغ أو الشغور في رئاسة الجمهورية، شرط أن تصبّ في مصلحة ثوابتها لا أن تكون على حساب هذه الثوابت، ومن هنا يخطئ الذين أخذوا منذ الآن يراهنون على انفراط 14 آذار ويستعدّون لوضع أيديهم على الدولة.