IMLebanon

مؤتمر تأسيسي

تحت عنوان آخر؟ لا شيء يؤذي لبنان المحكوم بالعجز عن مواجهة الأخطار وتوظيف الفرص أكثر من التسليم برهانين: رهان اسلامي على ثابت تبنى عليه السياسات والمواقف هو الخلاف بين القوى المسيحية وبالذات بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فإذا تغير وتوحدت المواقف ولو في موضوع واحد بدا الارتباك على المراهنين. ورهان مسيحي على ثابت هو الخلاف بين القوى الاسلامية وبالذات بين الثنائي الشيعي وتيار المستقبل، فإذا تغير وتوحدت المواقف، دفعت القوى المسيحية الثمن. وما جرى خلال الأيام الماضية هو اصطدام كل طرف بموقف موحد جعل الثابت متغيراً والحسابات متبدلة.

ذلك أن ساعات فقط فصلت بين الاندفاع في صدام سياسي عبر خطوط طائفية وبين تبادل التهاني بالعودة الى الشراكة الوطنية. فالمشكلة في الخلاف على جدول الأعمال في جلسة تشريع الضرورة جدية، بصرف النظر عن الاثارة في الاخراج المسرحي. والكل صعد الى شجرة عالية منتظراً مَن يمد سلّماً للنزول، فجاء السلّم من الرئيس سعد الحريري وسط التصفيق.

ومبروك للجميع. للذين نزلوا عن الأشجار العالية. للذين ساهموا في حمل السلالم. للذين مارسوا التهويل بأخطار عزل لبنان عن العالم إن لم يقر سلسلة قوانين مطلوبة دولياً في باب مكافحة الارهاب وتبييض الأموال. للمصارف التي أكدت من جديد انه لا صوت يعلو على صوتها. للذين ينتظرون القروض من أجل الصفقات. للمغتربين الحالمين أو الذين نحلم عنهم باستعادة الجنسية في عصر الهجرة من لبنان. وللنائمين على وعد بانجاز قريب لقانون انتخاب لم يتحقق على مدى سبع سنوات من عمر هذا المجلس الممدد لنفسه.

لكن هذا، على كونه أنقذنا من كابوس، ليس حلاً. فنحن في أزمة سياسية تصاحبها أزمة اقتصادية ومالية داخل أزمة وطنية مفتوحة على أزمة حكم وأزمة نظام. ونحن عاجزون عن تشغيل السلطة، لا فقط عن بناء الدولة. وليس ما حدث أمس سوى خطوة في الاقتراب من ادارة الأزمة مع استمرار الدوران في الأزمة وانكشاف الهشاشة في كل شيء، بحيث ان السيد حسن نصرالله تحدث عن هشاشة المجتمع.

ومن هنا فتح السيد نصرالله موضوع المؤتمر التأسيسي تحت عنوان آخر. فهو دعا الى تسوية سياسية شاملة رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي وقانون الانتخاب. والكل يعرف، لا فقط ان المطلوب اتفاقهم على تسوية سياسية شاملة عاجزون عن حلّ أزمة النفايات، بل أيضاً ان موازين القوى هي التي تفرض نوع التسوية. وآخر ما تقود اليه موازين القوى الحالية هو التسوية التاريخية التي يحتاج اليها لبنان. –