IMLebanon

القوى السياسية تستغلّ ثغرات الدستور لتنفيذ أجنداتها الخاصة

 

الغاضبون في الشارع خارطة طريق للحكومة المستقيلة لتتحمّل مسؤولياتها

 

في الوقت الذي تمتدّ فيه الفوضى العارمة في القطاعات الإقتصادية إلى الشارع الذي بات أمام تحدّي الفراغ الحكومي الأكيد، أطلقت أوساط نيابية مسيحية، صرخة تحذيرية من المشهد المُرعب الزاحف إلى لبنان، حيث أن ما سُجّل منذ مطلع الأسبوع الجاري من إرباك وتخبّط على كل المستويات نتيجة انهيار الليرة وتراجعها بنسبة 50% في أقلّ من أسبوع، حمل مؤشّرات على أن مرحلة ال15 ألف ليرة للدولار الواحد، هي غير كل المراحل السابقة منذ العام 2019 وحتى اليوم، خصوصاً وأن ما يشهده لبنان اليوم من فراغ وعجز ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير، وذلك، في ظل قوى سياسية تستخدم الدستور لابتزاز اللبنانيين، ولتحقيق غاياتها ومصالحها وأهدافها الشخصية على حساب المصلحة العامة.

 

وإذ اعتبرت الأوساط، أن الدستور هو القانون، ويجب عدم إغفال أهميته ودوره الإيجابي، أسِفَت لاستغلال بعض الثغرات فيه من قبل بعض الأطراف السياسية التي تعطّل عملية تأليف الحكومة، ولا تضع في أولوياتها سوى تحقيق المكاسب السلطوية، وهذه المعادلة تتكرّر باستمرار خلال السنوات الأخيرة، وليس فقط في المرحلة الراهنة، بدءً من الفراغ الرئاسي، وصولاً إلى الفراغ الحكومي. وبالتالي، فإن الفراغ قد أصبح مادة للإستخدام لدى بعض القوى السياسية التي تتوسّل كل شيء لتحقيق أجندتها الخاصة.

 

واستدركت الأوساط نفسها، مشيرة إلى أن الفراغ يعني أن الدولة مشلولة، وأن حياة الناس والمؤسّسات معطّلة، بينما الدستور ينص على استمرار انتظام عمل المؤسّسات والإدارات والمرافق العامة، بانتظار تشكيل السلطة أو الحكومة، أو انتخاب رئيس جمهورية، وهي المحطات التي طبعت تاريخ الإنهيارات في لبنان. وأوضحت أن الآليات الدستورية واضحة لإدارة مراحل الفراغ الرئاسي أو الحكومي، حيث أن الوزراء، ولو كانوا مستقيلين، هم أمام مسؤولية العمل في إطار تصريف الأعمال الذي يسمح بعدم الوصول إلى أزمة، إذ لا يجوز أن يكون البلد كله في حالة من الإستقالة، بينما يواجه لبنان أزمة وطنية وسياسية وكيانية تستوجب أن يتحمّل كل المسؤولين المستقيلين، مسؤولياتهم التاريخية، ومصارحة اللبنانيين عن الأسباب الحقيقية لانهيار عملتهم الوطنية وارتفاع سعر الدولار، من دون أي أسباب واقعية مفهومة، وذلك بعيداً عن كل ما يتم الترويج له من وجود مؤامرات خارجية تدفع نحو انقلاب الأوضاع في لبنان.

 

ووجدت الأوساط النيابية المسيحية، في هذه المصارحة، وسيلة لعرض السبل الآيلة إلى فرملة الإنهيار، لأن العلاج يبدأ بطرح المشكلة أولاً بشكل تفصيلي، ثم البحث في أسبابها من أجل تحديد العلاج اللازم، مع العلم أن ما من جهة في الدولة قد بادرت إلى اليوم في تحمّل هذه المسؤولية، أو القيام بهذا الدور، ولفتت إلى أن مواكبة الأولويات التي يتحدّث عنها اللبنانيون الغاضبون في الشارع، تَصلُح لأن تشكل خارطة طريق لعمل الحكومة المستقيلة من أجل معالجة، ولو لمرة وحيدة لأزمة لبنان الفعلية، إذ لا يجوز أن يعتبر أي مسؤول بأنه غير معني بما يحصل في البلاد، وبشكل خاص السلطات القضائية التي تقف أمام منعطف تاريخي، وهو أن تُقدم على محاسبة أي مسؤول يتولى إدارة الشأن العام، وتهرّب من واجباته، مما أدّى إلى ضياع الوطن، وتهديد الوجود ويأس المواطنين.

 

ومن هنا، فإن الأسوأ الذي ينتظر اللبنانيين بات معروفاً، وكذلك، طريقة المواجهة، كما أكدت الأوساط النيابية، التي دعت إلى التغيير في الذهنية السياسية، وإلى الإحتكام إلى الدستور، وليس إلى الأعراف التي عمل البعض على إرسائها في السنوات الأخيرة.