Site icon IMLebanon

«الدستوري» من أمامكم و«الإشراف» من خلفكم!؟

 

يلتئم المجلس الدستوري قبل ظهر اليوم للنظر في التقرير الذي وضعه المقرر «السري» في الطعن الذي قدّمه عشرة نواب بمضمون المادة 49 من الموازنة ورزمة أخرى من موادها ضِمن المهل المحددة ليتفرّغ المجلس لاحقاً للنظر في عشرات الطعون النيابية المنتظرة عقب إنجاز الاستحقاق الانتخابي قياساً على حجم المخالفات المرتكبة والاتّهامات المتبادلة على أكثر من مستوى. وعليه، فما هو المنتظر؟

يلتئم المجلس الدستوري قبل ظهر اليوم للنظر في التقرير الذي أعدّه «المقرر السري» المكلف النظر في ما طالب به الطعن الذي تقدّم به عشرة نواب في الخامس والعشرين من نيسان الماضي امام المجلس بغية إبطال بعض المواد الدستورية من قانون الموازنة والذي قبِل في الشكل والمضمون في جلسة المجلس المنعقدة في السادس والعشرين من الشهر الماضي اي في اليوم الذي تلا تقديمَ الطعن ومِن ضمن المهلة المحددة له.

كان من المفترض أن يلتزم المجلس مهلة الأيام العشرة التي أعطيَت للمقرر في 25 نيسان المنصرم والتي كانت قد انتهت في الثالث من أيار الجاري، لكنّ الموعد الذي صادفَ قبل ثلاثة ايام على يوم «الأحد الكبير» حيث جرت الانتخابات، دفعَ رئيس المجلس وأعضاءَه الى التوافق على موعد اليوم للمباشرة بدرس التقرير واتخاذ القرار المناسب في شأنه خلا عشرة ايام رفضاً أو قبولاً او تعديلاً في مضمون المواد المطعون بها.

وأمام استحقاق اليوم المتصل بأزمة المادة 49 وما رافقها من جدلٍ عشية فتحِ صناديق الاقتراع ينتظر ان يكون التقرير «مبكّلا». فالطعن المقدّم واضح وصريح، وأشار الى العيوب في القانون بنحو صريح لا يَحتمل كثيراً من الجدل. وإن لم يؤَدِّ الطعن الى إبطال الموازنة بسبب المخالفات المرتكبة بفقدان قطعِ الحساب وبزوايا أخرى مختلفة منعاً لدخول البلاد في وضع مأسوي كالمتوقع في حال تمَّ الطعن بهذه المادة وشبيهاتها، فالمخالفات الأخرى المرتكبة واضحة وثابتة، وخصوصاً لجهة تحميل قانون الموازنة قانوناً آخر سَمح به مبدأ «حصان الموازنة».

وعليه فإنه من المتوقع إبطالها ولن يسمح بذلك تكرار بعض السوابق الدستورية والقانوينة المماثلة. وما يزيد الاقتناع بالإبطال أنّ مضمون المادة 49 ومجموعة الهواجس التي أثارتها في الظروف الإقليمية والداخلية الاستثنائية التي تَعبرها البلاد سَنحت بالطعن بعدما توافرَت تواقيع النواب العشرة فيما تنتهي ولاية المجلس النيابي الممدّدة في 20 من من الجاري.

وعليه، فقد بات ثابتاً إلى جانب سهولة البتّ بالطعن بالمادة 49 التي تمّ تجميد مفاعيلها على كلّ المستويات لن يكون من الصعب التوافق على مضمون تقرير المقرّر والذي يشكّل عادةً المادة الأوّلية للقرار النهائي وخصوصاً أنّه أودع في يد خبير دستوري بارز يتقِن تخريج القرارات النهائية للمجلس الدستوري ولم يرد له قرار في تجارب سابقة مماثلة.

ومِن الواضح أنه وما إن ينتهي المجلس من الطعن بقانون الموازنة فهو يستعدّ لبدء استقبال الطعون النيابية المكلّف بها، فكلّ التقارير التي تحدّثت عنها وسائل الإعلام وتقارير هيئة الإشراف على الانتخابات تؤدي حكماً إلى كثير من الطعون المتوقّعة وخصوصاً أنّ عدداً منها قد تمّ توثيقه على أكثر من مستوى، سواء في انتخابات بلاد الانتشار على مرحلتين، وثالثهما على مستوى رؤساء الأقلام ومساعديهم، كما على مستوى اليوم الانتخابي الكبير، والتي بلغت فيها الذروة غير المتوقعة.

وعليه، ينتظر المراقبون ومعهم الخبراء الدستوريون تقريرَ الهيئة الجاري تحضيرُه لرفعِه ضِمن مهلة الشهر التي تلي اعلان النتائج النهائية للانتخابات وسيكون «سميكا»، فالتوقّعات تتحدث عن مخالفات في مختلف الميادين التي واكبَت العملية الانتخابية سواء تلك التي ارتكبَها مسؤولون كانوا على تماس مع العملية الانتخابية في كثير من المجالات الإدارية والإعلامية والمالية، بالإضافة إلى تلك التي تحدّثت عنها التقارير حول فقدان بعض الصناديق العائدة لبلدان الانتشار، وأخرى التي افتقدت في بعض الدوائر الانتخابية.

وما بين كلّ هذه المخالفات المرتكبة تبقى بعض الفوارق الصغيرة في نتائج الانتخابات والتي حصِرت بالعشرات أو المئات، ويمكن أن تؤدي الى طعون إضافية، عدا عن البَلبلة التي تسَبّبت بها عمليات فرزِ الصناديق الصغيرة، التي رَفعت من عددها المحتمل أمام المجلس.

وفي الوقت الذي استعدّ المجلس الدستوري بتركيبته الحاليّة للطعون المحتملة بكلّ ما هو محتمل منها وفي أيّ مواد قانونية او دستورية سَمح بها القانون الجديد الذي يَحوي ما يكفي من الأبواب والمنزلقات التي يمكن ان تؤدي الى عدد كبير من الطعون بما فيها تلك المحتملة بين اعضاء اللائحة الواحدة عدا عن المتنافسة في ما بينها، فإنّ المجلس ينتظر بشغف وصولَ هذه الطعون ليقول رأيَه فيها.

وفي المعلومات المتداولة أنّ في نيّةِ رئيس المجلس والأعضاء تكليف مقرّرين لكلّ طعنٍ لتسهيل القراءة الموضوعية من زواياها المختلفة القانونية والدستورية، تسهيلاً للنظر لاحقاً في شكلها ومضمونها والبتّ بها سريعاً، علماً أنّ الطعون الخاصة بالانتخابات النيابية لا تحكمها ايّ مهَل سوى مهلة الأشهر الثلاثة التي تُعطى للمقرر ليتسنّى له إجراء التحقيقات الضرورية، وإن كانت النية بالبتّ بها في خلال اربعة اشهر من تاريخها فإنّها ستكون مهلة حضٍّ وليست مهلة حاكمة وملزمة.

وللتذكير، فإنّ المجلس الدستوري الذي لم يبطل نيابة أيّ من النواب الـ 13 الذين تمّ الطعن بنيابتهم في دورة انتخابات 2009، استقبل 13 طعناً بعد انتخابات 1996 ونظرَ فيها خلال سبعة اشهر وانتهت بإبطال نيابةِ اربعةِ نواب، وطلبِ إعادة انتخاب النواب المطعون في نيابتهم، ففاز يومها في دائرة البقاع الغربي النائب روبير غانم بدلاً من هنري شديد، كذلك أعيدَ انتخاب اميل نوفل في جبيل، وأعيدَ انتخاب فوزي حبيش بعد الطعن بنيابته من منافِسه مخايل الضاهر وتفوّق عليه في حينه بنحو 40 ألف صوت.

وفي النهاية، على كلّ من ستشملهم الطعون النيابية وأياً كانت الأسباب التي ستؤدي الى التقدّم بها سيَشعر النواب المنتخَبون المطعون في نيابتهم بأنّ «هيئة الإشراف على الانتخابات» بتقريرها المثبَت بالوقائع ستكون من ورائهم وسيشكّل تقريرها مادةً للطعن في نيابتهم وأنّ عليهم أن يستشعروا بوجود المجلس الدستوري من أمامهم.