IMLebanon

صلاحية المجلس الدستوري إعلان فوز مرشّح لم يتقدّم بطعن

 

 

 

من المتعارف عليه أنّ الطعن في صحة نيابة نائب مُنتخب لا يُقبل إلا من المرشّح المنافس الخاسر في الدائرة الانتخابية التي ترشّح فيها، وذلك في مهلة أقصاها ثلاثون يوماً تلي إعلان نتائج الانتخاب في دائرته، على أن يوقَّع منه شخصياً أو من محامٍ بالاستئناف، مفوّض صراحةً بتقديم الطلب، بموجب وكالة مُرفقة مُنظمة لدى الكاتب العدل. ويقدّم الطعن بموجب استدعاء يسجّل في قلم المجلس الدستوري، يُذكر فيه اسم المعترض وصفته، والدائرة التي ترشّح فيها، واسم المُعترض على صحة انتخابه، والأسباب المؤدية إلى إبطال الانتخاب، وتُرفق بطلب الطعن الوثائق والمستندات التي تؤيّد صحة الطعن. ويُبلّغ الطعن بالطرق الإدارية إلى رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية، كما يُبلّغ مع نسخ من المستندات إلى المطعون في صحة نيابته، حيث يكون لهذا الأخير أن يُقدّم ملاحظاته ودفاعاته خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه. وعلى وزارة الداخلية تزويد المجلس الدستوري جميع المحاضر والمستندات والمعلومات المتوافرة لديها، لتمكينه من إجراء التحقيقات اللازمة.

 

ويُكلٍّف رئيس المجلس أحد الأعضاء إعداد تقرير عن الطعن المقدّم، ويفوّض إليه إجراء التحقيقات اللازمة. ويتمتّع المقرّر بأوسع الصلاحيات، وله أن يتّخذ التدابير التي يراها لازمة للتحقيق، كتعيين الخبراء والاستماع إلى الشهود بعد اليمين، والتدقيق في القيود، واستجواب الأفراد، والطلب من الإدارات العامة المعنيّة تقديم التقارير والمُطالعات والسجلات، واستدعاء من يراه مناسباً لاستجوابه حول ظروف الطعن. وعلى المُقرّر أن يضع تقريره ويحيله إلى المجلس الدستوري، على أن يتضمّن مُلخصاً للقضية والوقائع والنقاط القانونية ورأيه في طلب الطعن. وبعد ورود التقرير يجتمع المجلس فوراً ويتذاكر في الاعتراض، وتبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار، على ألّا تتعدّى مهلة إصدار هذا القرار الشهر الواحد. ويبلّغ القرار بالطرق الإدارية إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية وأصحاب العلاقة، ويُنشر في الجريدة الرسمية. وعندما يمارس المجلس صلاحياته في الطعون الانتخابية يتمتّع، إما مجتمعاً أو بواسطة العضو الذي ينتدبه، بسلطة قاضي التحقيق، باستثناء إصدار مذكرات التوقيف.

وبحسب المادة 31 المعدّلة من قانون إنشاء المجلس يُعلن المجلس الدستوري بقراره صحة أو عدم صحة النيابة المطعون فيها. وفي هذه الحالة الأخيرة، يحق له إما إلغاء النتيجة بالنسبة للمرشّح المطعون في نيابته، وإبطال نيابته، وبالتالي تصحيح هذه النتيجة وإعلان فوز المرشّح الحائز على الأغلبية وعلى الشروط التي تؤهله للنيابة، أو إبطال نيابة المطعون بصحة نيابته وفرض إعادة الانتخاب على المقعد الذي خلا نتيجة البطلان.

ومن المسلّم نصاً واجتهاداً ان مراجعة الطعن لا يمكن ان تتناول عملية انتخابية برمّتها بل فقط إلغاء النتيجة بالنسبة الى المرشح المطعون بصحة نيابته وبالتالي تصحيح هذه النتيجة إعلان فوز المرشح الحائز علىالأغلبية، او إبطال نيابة المطعون بصحة نيابته وفرض إعادة الانتخاب على المقعد الذي خلا نتيجة الإبطال.لكنّ المجلس الدستوري أشار في قراره رقم 24 تاريخ 25/09/2019 أنّ المبدأ الأساسي الذي يسود الموقف الدستوري في شأن الطعون النيابية، هو عدم إبطال الانتخابات إلا إذا كانت المخالفات المدلى بها والمشكو من حصولها خطيرة وتشكل اعتداء على حرية الانتخابات وصدقيتها ونزاهتها وإذا كان لهذه المخالفات تأثير حاسم في نتائجها ،ويؤخذ عنصر الفارق في الأصوات كعنصر هام في تقرير إطال أو عدم إبطال الانتخابات.

كما يمكن إعلان فوز مرشح ثالث لم يلجأ إلى ممارسة الطعن في النتيجة كما حصل بتاريخ 2/6/2002 عندما أصدر المجلس الدستوري قراراً رقمه 5 قضى فيه بإعلان فوز الأستاذ غسان مخيبر، الذي لم يكن قد تقدّم بطعن، وبرّر موقفه بأنّ له في أثناء ممارسته لخياره أن يُعلن فوز مرشح آخر غير المطعون بنيابته، وأنّه من المسلّم به في الفقه الدستوري أنّ من حق المجلس الدستوري ومن صلب اختصاصه إعلان فوز مرشّح آخر غير المطعون بنيابته عند وجود مخالفات هامة تثبت أنّ المستفيد منها هو المرشّح المطعون بنيابته.

ولكن في حال الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، فالنائب الذي أُبطل انتخابه يمكنه خوض الانتخابات الفرعية أو الاستكمالية والفوز بالنيابة من جديد حال حصوله على العدد الأكبر من الأصوات، ولو أنّ هذا الحل قد يثير استغراب البعض عندما يكون إبطال الانتخاب جاء نتيجة أعمال غير مشروعة ارتكبها ذلك النائب.كما أنّ الانتخابات الفرعية أو الاستكمالية التي تلحق الإبطال، لا تمنع المرشحين الذي رسبوا في الدائرة الانتخابية من الترشّح من جديد، كما لا تحول دون ترشّح مواطن آخر تتوافر فيه الشروط المطلوبة.

وينبغي لنا أن نشير، إلى أنّ المخالفة يمكن أن تؤثرعلى اللائحة ككل وليس فقط على المطعون به وعندها يمكن إعادة العملية الانتخابية في الدائرة ككل وليس فقط في مقعد. كما أن قرارات المجلس الدستوري مبرمة، ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة، وتتمتع بقوة القضية المحكوم بها، وهي ملزمة لجميع السلطات العامة والمراجع القضائية.