البلد في ضياع، وفي بلبلة سياسية، وغارق في أزمة دستورية لا قرار لها ولا نهاية.
وآخر المفارقات اقتراح متسرّع بانشاء مجلس للشيوخ، وفي الوطن صراع عمره سنتان وبضعة أشهر على غياب رئيس للجمهورية.
ولفت الأنظار في هذا المضمار كلام للنائب فؤاد السعد، يعتبر فيه ان انشاء مجلس للشيوخ، أتى في غير زمانه الصحيح.
والسعد، سعيد في تصاريحه وصريح في المواقف، وهو سليل عائلة عريقة، تعاقب على الرئاسة اللبنانية، وعلى المواقف الحسّاسة أفذاذ من رجالات البلاد وأساطين العلم الدستوري، ولعل حبيب باشا السعد، من أبرز ما مهروا الحياة الدستورية، من علوم وأفكار وقوانين.
وفي رأيه في موضوع انشاء مجلس للشيوخ، انه أتى في غير زمانه الصحيح.
ويعتقد النائب فؤاد السعد انه يقتضي أولاً، انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، على أن يصار الى انشاء مجلس للشيوخ لاحقاً.
وفي عقل النائب والمفكر السياسي ان الاقتراح المعروض يتعدّى على صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي يرئس الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية.
والمشكلة في لبنان، ان الحياة السياسية مشدودة الآن، الى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، قبل أي شيء آخر.
قبل الطائف وبعده، كان دور الرئيس الأول للبلاد، معرّضاً، ساعة للمساءلة وأحياناً للمناورة، لأن معظم أركان الطوائف، لهم وجهات نظر متباينة، في دور الرئيس الأول وصلاحياته.
فهو، كما كان يقول الرئيس سليمان فرنجيه، يبدأ امبراطوراً وفي السنة السادسة من ولايته ينتهي به المطاف، عند بعض الأفرقاء الى السؤال عن موعد تقصير ولايته، وحتى عن زمان الاستقالة…
والحمد لله ان غياب الرئيس، جعل أركان ١٤ آذار خصوصاً، يدعون بإلحاح الى النزول الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للبلاد، وكل من يفوز يلتفّ حوله النواب، كظاهرة ديمقراطية.
إلاّ أن الاختلاف في ايراد الأسماء هو خطأ استراتيجي في اجتهادات السياسيين، لأن التراجع عن أسماء وردت، مثل الاقدام على وجوه ظهرت.
وفي العودة الى المجلس الدستوري، ثمة علم لا يمكن تجاوزه، وما عبّر عنه النائب فؤاد السعد أمر بالغ الأهمية، لأن هذا البلد مريض جداً في تجاهل الدستور، ولبنان هو بلد القانون، وفيه ترعرعت القوانين وعاش أساطين القانون.
صحيح، ان البلد، متخم بالكثير من اقتراحات القوانين، الآن رصانةالحوار، كما أشار اليها النائب فؤاد السعد، هي التي تبرّر رجاحة العقل، خصوصاً عندما تدلهم الحصانات نوءاً أو أرادة، لأن لبنان في النهاية هو وطن القانون.