Site icon IMLebanon

خبير دستوري يرى في المواقف المتباينة فرصاً للحوار لا للخلاف

 

 

دعاة التهدئة يقودون التسويات بعقلانية

وتفسير الدستور مدخل أساسي الى الحل السياسي

يروي الخبير الدستوري صلاح حنين، ان القانون في لبنان، هو الدستور الذي لا يتبدل، لا في الإجتهاد ولا في الذكاء، وفي رأيه ان الدستور اللبناني مرجعية سياسية ينبغي احترامها في معظم الأزمات، لانه الحصن الأخير للوطن.

ويعتقد النائب السابق، انه طوال حياته البرلمانية، كان حارساً للقانون، وحافظاً له من ادعياء لا دور لهم غير إبداء الآراء، لمجرد إعطاء الآراء، لا للتعبير عن حقيقة الواقع.

ويعتقد الخبير الدستوري، ان الازمة القائمة الآن، حول تفسير الدستور بين بعض الكتل النيابية ظاهرة صحية لا مرضية، وان من حق رئيس الجمهورية، كما من واجب رئيس الحكومة المكلف الذود عن المبادئ العامة، لأن الدفاع عنها مجرد رأي، لا اعلان مبادئ تبقى سارية المفعول في كل زمان ومكان.

ويقول صلاح حنين ان من حق رئيس الجمهورية أن يعبر عن مواقف يؤمن بها، كما من حق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان يُصغي الى معظم الآراء، وان ينقلها الى رئيس الجمهورية، تاركاً للحوار وحده، ان يحسم النقاش في النهاية، حول معظم القضايا الخلافية.

ويعود صلاح حنين الى التاريخ ليستوحي منه، خلاصة القرار المطلوب لحسم الموضوع سلباً أو ايجاباً.

ويورد انه في حقبة العام ١٩٧٥، كان رئيس الجمهورية سليمان فرنجيه مجتمعاً مع الرئيس السابق كميل شمعون ووالده النائب ادوار حنين، عندما تبلغ رئيس الجمهورية ان قمة عربية منعقدة في مدينة فاس المغربية، اتخذت قراراً بتكليف الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجيه بان يلقي كلمة لبنان في دورة فلسطين، بعدما غادر الرئيس فرنجيه القمة العربية.

وعندما تساءل الرئيس كميل شمعون عما سيقوله لبنان للرؤساء العرب، في مصير المقاومة الفلسطينية في قمة يلتقي فيها معظم الرؤساء العرب.

رد الرئيس اللبناني بان ارتأى أن يتألف الوفد اللبناني الى دورة فلسطين برئاسة الرئيس اللبناني الجديد شارل حلو، ومعه معظم رؤساء المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة، وانه ارسل نص خطابه المكتوب الى الرئيس حلو لإعادة كتابته من جديد.

وقيل ان الرئيس شمعون سأل الرئيس فرنجيه عما سيكون موقفه وموقف لبنان، فرد بانه رجل القانون في الرئاسة، وحارس الدستور أمام اللبنانيين، والباقي من التفاصيل الخاضعة للنقاش والحوار.

ماذا الآن في الأزمة القائمة.

سؤال يطرحه اللبنانيون على الجميع، والجواب هو واحد عند الجميع، الا وهو الإحتكام الى الدستور..

ويقول النائب السابق العلامة حسن الرفاعي، وهو من الأواخر الباقين أحياء منذ اتفاق الطائف ان الدستور علم قائم بذاته، وعندما يناقش الجميع ما يحدث فإن الدستور وحده هو الحاسم، لأن المنطق هو ما ينبغي احترامه.

ولذلك، فان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة حاور الموافقين على الحل المطلوب، كما حاور المعترضين على ما يطرح في الأوساط السياسية، ثم قدم خلاصة ما انتهى اليه الحوار الى رئيس الجمهورية الذي أصدر بياناً عبّر فيه عن رأيه، لان رئيس البلاد قال ان رأيه نهائي، ولا رئيس الحكومة المكلف، تبنى مواقف المعترضين أو الموافقين، لكنه دعا الى الحوار الذي وحده يحسم النقاش سلباً أو ايجاباً.

طبعاً، فان الموضوع الذي طرح احتمال الخلاف هو البيان الصادر عن الرؤساء، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، والمعارض لأي انتقاص في صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وهذا البيان وجد أصداء ايجابية في فريق الطائفة السنية. وردوداً سلبية في أجواء محيطة بالعماد عون، أو بالتيار الوطني الحر.

وهذا شيء طبيعي في الحياة السياسية لأن أساس الأزمة اللبنانية، وجود صراع على مواقف كل طائفة في هذا البلد الذي يعيش في كنف ثمانية عشر فريقا سياسيا، يقف كل منهم على سلاحه.

وساعة تنظر كل طائفة إلى حقوقها من خلال نظرتها إلى مستقبل البلاد، فان الحساسية تصبح متقدمة على سواها، خصوصا وان الحصص الطائفية تصبح الوجه الظاهر للمواقف المعلنة والمضمرة.

قبل بضعة أسابيع سرت في البلاد اشاعات تقول ان الحكومة الجديدة لن تُعلن قبل شهر أيلول الحالي، فهل هذا الحوار مستمر الى الشهر المقبل، أم انه مرشح للبقاء حتى اواخر السنة الحالية…

وينقل عن الرئيس تمام سلام في هذا الصدد، ان مناقشة الأمور الخلافية ينبغي أن تتم بهدوء، وبعيداً عن الضوضاء الصاخبة، وهو الذي تعود في أيام رئاسته للحكومة الاخيرة، أن يكون رجل التهدئة والاصغاء للآراء جميعا، من دون القطع مع احد، لانه كان حريصاً على أن يكون دائماً رجل الوصل والإتصالات مع الجميع.

ويعتقد النائب السابق فريد الخازن قبل سفره إلى الفاتيكان لتسلم منصبه الجديد في الكرسي الرسولي، انه غادر المجلس النيابي الاخير، إيماناً منه بان الواجب السياسي يتقدم على الحضور الإلزامي إبّان الازمات.

ولكن، لا أحد يؤمن بأن المشهد الحكومي المأزوم الذي تنفرد به قوى ٨ آذار سيرتب تداعيات داخلية وانقسامية في طريق تشكيل الحكومة الجديدة، ولعل زيارة أربعة وزراء في حكومة تصريف الأعمال لدمشق لمناسبة افتتاح معرض سنوي في العاصمة السورية، قد يشكل أزمة جديدة بين لبنان وسوريا، لكنه سيؤكد ان الرئيس سعد الحريري وحده هو المؤهل سياسياً لفتح كتاب الحكومة الجديدة.

ويقول النائب السابق باسم الشاب العائد حديثاً من أوروبا، ان إتفاق الطائف هو الأساس في قيامة وطن من بين انقاض الإنفعالات السياسية، وسط هذه الصراعات المشتدة بين الجميع.

ويقول الرئيس نبيه بري ان الحكومة آتية، وان تأخر التأليف بعض الوقت، لأن لبنان لا يمكن أن ينأى بنفسه عما يحيط به من كوارث اقتصادية وسياسية.

ولعل زيارة الوزراء الأربعة لسوريا في الأسبوع الفائت، فتحت الأبواب المغلقة آنياً، أمام وزراء الصناعة والإقتصاد والأشغال العامة لتشجيع اندادهم على استئناف الحوار مع السوريين.

ويقول الرئيس نبيه بري، ان الحوار حول دور الدستور اللبناني في صناعة القرار اللبناني منوط بالمجلس النيابي وحده، ولا يجوز التفتيش عن الحل في مكان آخر.

والرئيس بري يقول أيضاً ان مطالبته بتشكيل الحكومة هو لمصلحة الإنقاذ الاقتصادي، لأن الوضع دقيق ولا يتحمل التسويّف كما كان يحدث مع الحكومات السابقة.

ويؤكد الرئيس بري، ان الحكومة تصدر بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف بالتشكيل، وان من يحق له تفسير الدستور فهو المجلس النيابي، ونقطة على السطر.

الا ان الرئيس بري لا يخفي وجود ثغرات في الدستور، فهو على أهميته ليس قرآناً كريماً ولا انجيلاً مقدساً، وهما فقط اللذان لا يمسان عندي، ذلك ان الدستور يمكن تعديله، لكن هذا لا يتم حتى تأليف الحكومة، والتعديل له أصول، وعلى رئيس مجلس النواب وفقاً للصيغة التي ترد أن يقوم بالأمر اللازم.

ولا يقف الرئىس بري عند سؤاله عن بيان رئاسة الجمهورية أو بيان الرؤساء السابقين للحكومة، ان كل حرف من حروفه مسؤول والدستور واضح.

ويشدّد رئىس مجلس النواب على الأمن ويعتبره أساساً لكل المساعدات الخارجية، ولكن، لا بد للبنان من أن يقوم بواجبه.

الا ان المطلوب دائماً، الحوار لا الصراع على حقوق الطوائف. لأن المطلوب في النهاية المحافظة على حدود الاوطان، وحقوق كل منها في الذود عن مستقبل المرافق العامة والخاصة.

وهذا الأمر ينطوي على خلاصة وافية لمعظم الأزمات التي واجهت الوطن في الأيام الحالكة، خصوصاً منذ بدء الحوار الفلسطيني، وانتهاء بعودة مشكلة النزوح السوري إلى لبنان والأردن، لا إلى أي بلد آخر.

والمعضلة الجديدة تكبر، بعد القانون الإنتخابي الأخير، والذي فيه القليل من النسبية، والكثير مما هو لا يمت إلى النسبية أيضاً، لكنه يبتعد عن النظام الاكثري، ويدور حول الدائرة الفردية.

وفي هذا الإطار، يبرز النظام على الانواء المختلفة، ويفترق عنه، عند البحث في الدائرة المصغّرة، خصوصاً على أبواب الدوائر الغامضة، وخصوصاً بعد تعاظم الحاجة إلى الدوائر المصغّرة، وهذا ما يطرح مصير الدوائر ذات اللون الواحد، ولا سيما بعد توافق الثنائية الشيعية بين حركة أمل وحزب الله وهذا ما جعل مساعد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم يوجه اتهامات غامضة إلى حزب القوات وإلى وزير النظام باسيل وإلى التيار الوطني الحر، على الرغم من نفي الحزب ان يكون المقصود بكلام نعيم قاسم وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل.

في خضم هذه التطورات يبدو الوضع اللبناني معقداً، تتداخل فيه الأزمات الداخلية مع معظم صراعات المنطقة، وتبرز معه أربعة أخطار محدقة به، أولها خطر العدوان الاسرائيلي، وخطر إستباحة الاجواء وتجدد العدوان على لبنان، وخطر استباحة دوره وسيادته لتحويله ساحة لصراعات المنطقة، والإنهيار الإقتصادي والمالي والهجرة والفراغ السكاني.

لذلك، لا يستطيع لبنان أن يقف على رصيف انتظار هدوء العاصفة الإقليمية، علّها تفضي الى حلول تضمن اسقراره، لكنها قد لا تضمن مصالحه الوطنية أو مصالح الافرقاء الداخلين فيه.

كما ان لبنان لا يقوى على الإنفتاح على صراعات المنطقة، ليصبح ساحة المواجهة الدائرة.

غير ان قدر اللبنانيين ومصلحتهم المشتركة اليوم هما في اطار تسوية داخلية تستند الى إتفاق الطائف ومقررات مؤتمر الحوار تالياً، وسياسة التضامن العربي – العربي والدعم الاقتصادي والمالي.

ولا يستغرب أحد أهميته الإفادة من باريس – ٣، على أن تبرز هذه التسوية حكومة وحدة وطنية جامعة.

ولذلك، عمدت مختلف الأوساط إلى اعلان تمسكها في موضوع الجنوب والقضية الفلسطينية والعلاقات مع سوريا، على أن تتولى الدولة اللبنانية مسؤولية الإفادة من قدرات حزب الله الدفاعية.