Site icon IMLebanon

الإستشارات المُلزمة: لا رسم تشبيهياً بعد والمهمّ تنفيذ البرنامج الإصلاحي

 

 

بالرغم من الجدال الدستوري والقانوني وحتّى السياسي الذي يرافق كل محطّة إستشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد، يبقى السؤال المركزي والأساسي: هل أنّ نتائج هذه الإستشارات ستؤدّي إلى تغيير في الذهنية بعد كل ما جرى ويجري في البلد من كوارث، بمعزل عن إسم الشخص أو الرسم التشبيهي لمن سيُكلّف تشكيل الحكومة؟ وهل أنّ الآتي سيُسمح له بتشكيل فريق عمل متجانس يستطيع أن يعمل وأن يقوم بالمهمّات الإصلاحية المطلوبة خارجياً وداخلياً؟ وهل هناك توافق بين القيّمين على القرار الوطني لطيّ الصفحة، والإنتقال فعلاً وعملياً إلى مرحلة جديدة من العمل حتى لو تطلّب الأمر عملية جراحية مؤلمة؟ وهل هناك من يريد أن يسمع؟ أم أن حليمة ستبقى على عادتها القديمة، وسنبقى كمن ينطبق عليه المثل الفرنسي القائل بأنّ “أصعب أنواع الطرش عند الذي لا يريد أن يسمع”.

 

كلّ هذه الأسئلة أصبحت مطروحة، عشية تحديد رئاسة الجمهورية موعد الإستشارات النيابية الملزمة يوم الإثنين المقبل، وسط غموض لم يسبق أن حصل في مناسبة كهذه في لبنان، سيما وأنّ غالبية، إن لم نقل كل الكتل النيابية والقوى السياسية، لم تقرر بعد ماذا ستفعل يوم الإثنين.

 

جنبلاط و”القوات”

 

في تغريدة له عبر “تويتر”، وصف رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط تحديد موعد الإستشارات بأنها من باب الحياء وربّما رفع العتب كون الرئيس الفرنسي سيأتي إلى لبنان يوم الثلثاء، وبعدما تمت مخالفة الدستور وإتفاق الطائف، مذكراً بما سبق وقاله وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بأن لبنان قابل للزوال اذا لم يتمّ الحدّ الأدنى من الإصلاح.

 

ويقول عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله لـ”نداء الوطن”: “حتى الآن لا وضوح في الأجواء ونحن أمام إحتمال من إثنين: إما سيناريو مشابه لحكومة حسّان دياب، أي حكومة أكثرية، أو حكومة مع غطاء وانفتاح على الخارج بالحدّ الأدنى لكي يبقى البلد، ولكن لا شيء بعد وهناك طبعاً اجتماع لكي يتقرّر ما إذا كان هناك مشاركة في الإستشارات ومن ثم في التسمية أم لا”.

 

أما عضو كتلة “القوات اللبنانية” العميد المتقاعد النائب وهبي قاطيشا فيؤكد لـ”نداء الوطن” أنّ “الكتلة ستشارك طبعاً في الإستشارات إنّما القرار بالتسمية سيُتخذ في اجتماع يوم الأحد، ونحن لا نمانع بشخصية مستقلّة ونزيهة ومحايدة مع وزراء أصحاب كفاءة وإختصاص من أجل إنقاذ البلد، ملمحاً إلى التنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ولو بطرق غير مباشرة”.

 

بدوره، عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب ياسين جابر يقول لـ”نداء الوطن: “إن العمل والإتصالات جارية وهناك على ما يبدو تغيير في لهجة بعض الأطراف السياسية لجهة التعامل مع تسمية رئيس الحكومة وإحترام بيئة رئيس الحكومة، وما قد ينتج عن اجتماع رؤساء الحكومات السابقين كونهم يمثلون الغالبية في بيئتهم”.

 

ويتساءل جابر: “ما هو برنامج عمل الحكومة بعد تسمية الرئيس وحتى تشكيلها؟ هل لديها الدعم الكافي لتنفيذ برنامجها؟ هل تستطيع تنفيذ كل ما هو مطلوب منها على صعيد الإصلاح والمشاريع الإصلاحية؟ هل ستعيّن الهيئة الناظمة للكهرباء أم سنعود إلى معزوفة تعديل القانون وغيره من الحجج؟”.

 

ويضيف: “نحن الآن في البلد في حالة طوارئ، وهناك مجموعة من الأمور يجب أن تحصل، وأهمّها ألا ينطبق علينا المثل الفرنسي القائل: “أصعب أنواع الطرش عند الذي لا يريد أن يسمع”، فهل نحن نريد أن نسمع وننفذ؟ أم أن حليمة ستعود إلى عادتها القديمة؟ بقينا سنة بعد مؤتمر”سيدر” حتى شكّلنا حكومة، ونحن الآن أمام مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهي ليست نزهة، فقد أقرينا في موازنات 2017 و2018 و2019 مواد إصلاحية لم تنفّذ، منها مثلاً أن تجري الحكومة مسحاً للوظائف العامة، فهناك ألوف الناس التي تقبض رواتب من دون عمل، فهل سيسمح للحكومة أن تأخذ قرارات كهذه؟ وهل نحن دولة تحترم القوانين وتعمل ضمن المؤسسات والأصول؟ لقد اقترحت وأقّر في غفلة ضمن موازنة 2020 إلزام شركات الخلوي والمرفأ أن تُحوّل كل الواردات إلى الخزينة ثم تطلبان ما تريدانه، لقد تمّ إفلاس قطاع الاتصالات، وعيّنت لجنة موقّتة لإدارة المرفأ على مدى 18 سنة من دون أن يسألها أحد ماذا فعلت وأين هي الأموال التي تبين أنّ فيها فوارق بنحو ما يفوق ملياري دولار؟ كذلك، هل يُعقل أن تترك مؤسسة كهرباء لبنان التي كانت أهمّ المؤسّسات المنتجة للدولة سابقاً 15 سنة بلا مجلس إدارة؟ وبعد الضغط نعيّن 6 من أصل 7 ؟ أتينا بحكومة حسّان دياب ولم نسمح لها بالعمل خصوصاً عندما سقطت بملف سلعاتا”.

 

ويتابع جابر: “الشخص مهمّ ومن معه ولكنّ الأهم أن يكون هناك قرار يسمح لهم بالقيام بعملية جراحية يحتاجها البلد وقد تكون موجعة، فهناك 380 ألف طلب هجرة على كندا وإنفجار المرفأ ضرب قلب العاصمة والحركة الاقتصادية، ومن كان يعمل ولديه المال، أصبح الآن يهاجر ليحصل على الجنسية مباشرة مع أمواله، وهناك محاولات كلها إستعراض ولم تقدّم أي جديد، فالدولة لديها مثلاً مليار متر مربّع من العقارات، إقترحنا عليهم أن يأخذوا ولو 150 ألف متر في كلّ محافظة وجعلها منطقة صناعية تؤجّر للمستثمرين”.

 

وخلص إلى القول: “البلد مكربج ويحتاج إلى عملية جراحية، وهناك ضغط قوي من الخارج، كما أنّ العناد لم يعد ينفع والعصيان أخذ مداه بوجه الإصلاح وانتهى، والكتلة ستجتمع يوم الإثنين ظهراً سيما وأن موعدها هو آخر موعد في الإستشارات وربّما تكون قد تبلورت الصورة”.

 

“المستقبل”: لا معلومات

 

“المستقبل” لم يقرّر، و”التشاوري” مستاء من الثنائي الشيعي ورئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل، وبينما تؤكّد مصادر كتلة “المستقبل” انّ لا قرار ولا معلومات بعد، قبل أن تجتمع الكتلة يوم غد الأحد، تقول مصادر كتلة “الوسط المستقل” أنّه إذا لم يكن هناك توافق بين القيّمين على القرار الوطني، مَهمَن كان الشخص، لن يستطيع القيام بشيء، علماً بأنّ الأجواء ليست مطمئنة ولا توحي بأنّ جوّ ومسار الإصلاح سينطلق.

 

في المقابل، أبدت مصادر “اللقاء النيابي التشاوري” إستياءها من طريقة التعاطي مع اللقاء في ملفّ التكليف، وخصوصاً ما يجري في الغرف المغلقة بين الثنائي الشيعي وباسيل والرئيس سعد الحريري.

 

وأكّدت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ اللقاء سيكون له موقف ورأي خاص به ربما يُفاجئ الجميع، خصوصاً وأنّ بعض القوى تنتظر ما سيتقرّر في لقاء أو بدعة رؤساء الحكومات السابقين، بينما نواب “اللقاء التشاوري” والمستقلين كالنائبين فؤاد مخزومي وجهاد الصمد، يمثّلون أكثر من رؤساء الحكومات السابقين في بيئتهم.