تأجيل الاستشارات إمعان في محاصرة الحريري بشروط «العوني» لابتزازه
لم يكن قرار تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة مفاجئاً للكثيرين، لأن «التيار الوطني الحر» لم يكن مرحباً منذ البداية بترشيح الرئيس سعد الحريري، وما بدر من رئيسه جبران باسيل إلا تأكيد واضح على أن النوايا لم تكن سليمة منذ البداية. وبالتالي فإن قرار التأجيل الذي اتخذه رئيس الجمهورية ميشال عون، إنما جاء استجابة لرغبة باسيل الذي يريد أمراً من اثنين: إما ابتزاز الحريري في تشكيل الحكومة، حقائب و أسماء، وإما دفعه من خلال الشروط التي بدأ بوضعها إلى الانسحاب، ما سيسمح لباسيل الإتيان برئيس حكومة جديد مطواع ينفذ له ما يريد. وهو أمر غير مستبعد في ظل الحملة التي يتعرض لها رئيس «المستقبل» من جانب حلفاء الممانعة.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن الرئيس الحريري لن ينسحب من السباق وهو مصر على استكمال مهمته لتنفيذ المبادرة الفرنسية، كونها الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان من الواقع المزري الذي يتخبط فيه على كل الأصعدة، وتالياً لن يسمح للمعرقلين بإفشال المبادرة الفرنسية مرة أخرى، رغم اقتناعه بأن مهمته لن تكون سهلة على الإطلاق، لكن المقربين منه لا يجدون مبرراً موضوعياً في طيات بيان رئاسة الجمهورية تأجيل الاستشارات، إلا استجابة لرغبات أطراف سياسية تريد إقصاء الرئيس الحريري، وإبقاء لبنان أسير هذه الأزمات التي يتخبط بها.
وأشارت المعلومات، إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري مستاء من قرار تأجيل الاستشارات الذي لم يكن مرتاحاً إليه كثيراً، لأن وضع البلد لا يحتمل مزيداً من التأجيل، في وقت أخذت كتلة «التنمية والتحرير» قرارها بتسمية الرئيس الحريري، وهو ما ستبلغه إلى رئيس الجمهورية في الاستشارات المقررة الخميس المقبل، رغم اقتناعها بأنه غير مبرر، وكان بالإمكان إبقاء الاستشارات في موعدها، ليصار إلى تكليف الرئيس الحريري تشكيل حكومة جديدة بإمكانها إخراج لبنان من عنق الزجاجة، واستعادة الثقة العربية والخارجية به، باعتبار أن الرئيس بري، يرى بالرئيس الحريري الشخصية الأقدر على استعادة هذه الثقة، بفضل علاقاته العربية والأجنبية، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى لبنان في ظل هذه الظروف التي يمر بها حالياً.
وعلى أهمية الدور المنتظر من جانب الرئيس الحريري، في حال تسميته رئيساً مكلفاً للحكومة الخميس المقبل، فإن أوساطاً سياسية متابعة لمسار الملف الحكومي، لا تستبعد أن يكون قرار تأجيل الاستشارات الملزمة، بذريعة غياب الميثاقية في حال جرى تكليف الحريري، لأن كتلتين نيابيتين وازنتين، تكتل «لبنان القوي» و«الجمهورية القوية»، لن يسمياه في الاستشارات، مؤشراً لمخطط يجري إعداده في الغرف المغلقة، لإرغام الحريري على الاعتذار بعد إغراقه بالشروط والشروط المضادة، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال ما بدأ يتسرب من معلومات عن شروط لـ«التيار الوطني الحر»، في حال أصر «الثنائي» على شروطه، في الحصول على حقيبة «المالية» وتسمية الوزراء الشيعة، خلافاً لما تنص عليه المبادرة الفرنسية.
وتعرب الأوساط عن اعتقادها، أن رئيس الجمهورية لن يقبل بترؤس الحريري حكومة لا يكون صهره باسيل في عدادها، وهذا ما دفع رئيس «العوني» إلى التصعيد في وجه رئيس «المستقبل» ومهاجمته، بعدما شعر أن الحريري لن يقبل بإشراكه في أي حكومة سيشكلها، الأمر الذي دفع الرئيس عون إلى بعث رسالة إلى الحريري بتأجيل الاستشارات، بأنه لن يوقع مراسيم أي حكومة يترأسها الحريري لا تضم في عضويتها رئيس «الوطني الحر»، وهذا ما قد يدفع الحريري فعلاً إلى الاعتذار.