IMLebanon

الإستشارات التي دخلت غينيس

 

لم تتشكل حكومة ما بعد 4 آب رغم أطول وأغنى عملية استشارات ومشاورات في تاريخ الجمهورية!

 

والاستشارات ليست في المعنى الدستوري المختصر فقط. فهذه من شكليات العملية الحكومية أكثر مما هي من صلبها. صحيح ان جدولها يتضمن مواعيد متلاحقة لكتل وشخصيات، لكنها في النهاية تنحصر بسماع رأي ستة أو سبعة أشخاص هم الذين يختصرون المجلس النيابي ويهيمنون على نواحي حياة البلد وموته.

 

ومنذ اعلان الانهيار الكبير في تشرين 2019، توالى هؤلاء على ممارسة التشاور مراتٍ عدة. أنجبوا اسماء للرئاسة المسماة ثالثة ثم وأدوها، وكلفوا رئيساً وشكلوا له حكومة “فئوية” قبل ان يستقيلوها، ثم بعد استقالتها أمعنوا في التشاور فيما كان البلد يُبدي رأيه انهياراً مالياً واقتصادياً وصحياً وتعليمياً وأمنياً.

 

عامان من الوقائع على الارض، ومن النصائح القريبة والبعيدة، يُفترض ان تكون كافية لإنجاب أفضل حكومات العصر. ففي خلال هذين العامين لم تُترَك فكرة إلا وطرحت، ولم يُوَفّر اسم الا وتم استحضاره، واستنفدت الحجج ذهاباً وإياباً، وتكاد الشخصيات نفسها تُستنفد، فيما جرى اختراع كتل نيابية لا يلتقي اعضاؤها الا في مناسبات الجمع والطرح فيذهبون جماعةً ويعودون وحدانا.

 

مشاورات التأليف الراهنة هي تتمة لمشاورات ما بعد استقالة حكومة سعد الحريري في تشرين 2019، وتتمة للمشاورات التي جاءت بحسان دياب وحكومته، ثم للاستشارات التي اعقبت استقالته واستمراره في سوق الصرف الحكومي … وهي أيضاً تتمة لمهمة الحريري المستحيلة واقتراحاته والردود عليها، على مدى تسعة شهور، من دون ان ننسى تجربة مصطفى اديب التي مرت كشهاب في سماء مكفهرّة.!

 

انها حرب استنزاف وليست دورة استشارات! كل شيء يفترض انه بات معروفاً: الشروط والمطالب والحصص، مع ان الجميع لا يريد شيئاً لنفسه! وكل المطلوب بات واضحاً، فعامان من التأزم فرضا برنامجاً واضحاً للحكومة العتيدة. لا حاجة لجهد في التأليف ولا ضرورة للإجتهاد في صياغات انشائية للبرنامج الحكومي. ومع ذلك لا تولد الحكومة ! وينبري من يحاول اقناع الجماهير انها عقدة الداخلية أو حصة من لا يطالب بحصّة!

 

المشكلة هي في مكان آخر، أما الذي يمنع قيام المؤسسة التنفيذية فهو خادمٌ أمين لهذا المكان “الآخر”، واستشاراته ومشاوراته لعبة مستهلكة.