مسار مشاورات تشكيل الحكومة المرتقبة يؤشّر لمنحى انطلاقة العهد الجديد
الدعم المحلي والعربي والدولي عامل إيجابي لتسريع عملية التأليف وتعطيل محاولات العرقلة
الرئيس سعد الحريري سيسعى كي تكون الحكومة التي ينوي تشكيلها حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الأطراف السياسيين وتراعي تمثيلاً حقيقياً لكل الأطراف
يترقّب اللبنانيون مسار الاتصالات والمشاورات المرتقبة خلال الأيام القليلة المقبلة تمهيداً لتشكيل الحكومة الأولى في العهد الجديد بعد طي مرحلة الفراغ الرئاسي الطويلة في تاريخ لبنان قياساً عمّا حصل من قبل وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لمعرفة كيفية تعاطي الأطراف السياسية الأساسية مع هذه المسألة المهمة، لا سيما منهم الذين اعترضوا على انتخاب عون للرئاسة الأولى واقترعوا بأوراق بيضاء ضده وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وبعض النواب المتحالفين معه.
ولا شك أن منحى هذه المشاورات، سيؤشر عمّا ستكون عليه مرحلة تشكيل الحكومة العتيدة، وإذا كانت ميسّرة وضمن المعقول، أم أنها ستواجه بعراقيل ومطالب تعجيزية لفرملة انطلاقة العهد الجديد ترجمة لتهديدات ومواقف الأطراف الذين عارضوا علانية انتخاب عون لرئاسة الجمهورية أو الذين انصاعوا لانتخابه خلافاً لرغبتهم الحقيقية وإرادتهم بهذا الخصوص.
وهناك وجهتا نظر بخصوص مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، الأولى يتبنّاها بعض أركان العهد وتتوقع بأن تسلك المشاورات التي ستجري في شأن تشكيل الحكومة المرتقبة في طريقها الطبيعي ضمن المهلة المعقولة على اعتبار أن هناك نيّة لتكون هذه الحكومة حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الأطراف من دون استثناء، كي تستطيع الانطلاق بوتيرة قوية للمباشرة بممارسة مسؤولياتها في مقاربة الملفات والقضايا الملحّة التي تعيد للدولة هيبتها وتماسكها والبدء بمعالجة وحل المشاكل التي يُعاني منها النّاس في حياتهم اليومية، وتستبعد حدوث تأخير غير مرغوب فيه بعملية التشكيل ككل لأنه يعيق انطلاقة العهد ويزيد في إحباط النّاس، الأمر الذي يتجنبه الجميع دون استثناء.
اما وجهة النظر الثانية التي يرددها بعض معارضي انتخاب الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فإنها تتوقع مساراً طويلاً وصعباً لعملية التأليف لأنها لن تقبل بمشاركة هامشية وغير فاعلة في الحكومة العتيدة كما يروّج البعض لذلك، وإنما تريد تمثيلاً في حقائب أساسية وذات تأثير في العمل الحكومي وبحصة وازنة من شأنها المحافظة على توازن القوى داخل الحكومة لمنع أي إخلال لموازين القوى لجهة على الاخرى. ولكن بالرغم من تعارض وجهتي النظر المذكورتين وفي انتظار خلاصة المشاورات النيابية لتسمية رئيس للحكومة المقبلة والذي أصبح اسمه معروفاً للجميع استناداً للواقع السياسي ومواقف الأطراف الأساسيين، باستثناء المستائين من اتفاق «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» على صيغة انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية، فإن الرئيس سعد الحريري كشف في اطلالته التلفزيونية الأخيرة انه في حال تسميته لرئاسة الحكومة المقبلة، سيسعى كي تكون الحكومة التي ينوي تشكيلها حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الأطراف السياسيين وتراعي تمثيلاً حقيقياً لكل الاطراف، كي تستطيع مواكبة العهد الجديد والمباشرة بمسؤولياتها في إدارة السلطة، ومعالجة الملفات والقضايا والمشاكل التي تهم النّاس في كل لبنان.
وتشكل المواقف الإقليمية والعربية والدولية الداعمة لانتخاب رئيس جديد للبنان والتي ترجمت فوراً باتصالات بعد عملية الانتخاب ورغبة أكثرية اللبنانيين في تخطي الأزمة السياسية القائمة، عاملاً ايجابياً مساعداً لتسريع وتسهيل خطوات تأليف الحكومة المرتقبة ضمن المعايير والأصول المتبعة وتعطيل محاولات العرقلة من أي جهة كانت.
في حين تبدو بعض المطالب الاستباقية والمرتفعة السقوف محكومة بتحسين مستوى التمثيل الوزاري ونوعية الحقائب ويمكن التعاطي معها على هذا الأساس، الا ان تجاوز هذه المطالب بفرض شروط تعجيزية من أي طرف كان، يستحيل تلبيتها والتعاطي معها بإيجابية، يؤشر إلى نوايا مبيتة لا يمكن تجاهلها وقد تؤثر سلباً ليس في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، بل في انطلاقة العهد ككل، وهذا أمر لا يمكن التحقق منه، الا بعد استكمال المشاورات والاتصالات التي ستجري بشأن تشكيل الحكومة العتيدة وإن كان مستبعداً في هذه الظروف.