Site icon IMLebanon

الطعن أمام مجلس الشورى: شرّ لا بدّ منه!

 

لم يهدأ السجال بين رئاسة حكومة تصريف الأعمال و»التيار الوطنيّ الحر». ولم تنفع «جلسة الخبز والملح» بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في التخفيف من حدّة الاشتباك المندلع على خلفية عقد جلسات لمجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي، خلافاً لرأي «التيار» الذي يعتبر الخطوة من المحرّمات التي لا يجوز كسرها ولو بحجّة تسيير أمور الناس. لا ملحّ ولا طارئ في قاموس «العونيين»، بهذا الخصوص. ولا من أمر يستدعي التعامل مع الشغور الرئاسي وكأنّه غير واقع، ولا بدّ برأيه من ابتكار وسائل قانونية «التفافية» بديلة عن عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ غياب رئيس الجمهورية. ومنها على سبيل المثال لا الحصر المراسيم الجوّالة، الأمر الذي يرفضه ميقاتي.

 

وقد انضمّ قطاع الكهرباء إلى مضبطة الاتهامات المتبادلة بين الفريقين بعد كشف فريق ميقاتي وثيقة «تظهر مدى إمساك وزيرة الظل» ونائبة «وزير الوصاية» بمفاصل الوزارة وتحكّمها بقراراتها، حيث تلقت رئاسة الحكومة مراسلة رسمية من وزير الطاقة، جرى فيها شطب اسم ندى البستاني وكتابة اسم الوزير وليد فياض «بخط اليد»، ما أدى إلى تجدد السجال، ولكن هذه المرّة بالعيار الثقيل. ومع ذلك، المسألة أبعد من توقيع فياض واسم ندى البستاني، ولو أنّ الطبقة السياسية برمّتها تعرف أنّ الأخيرة هي «الملاك الحارس» من الجانب العوني، لوزارة الطاقة، إن لم نقل «شيطانه المشاغب».

 

المسألة تكمن في كيفية دفع مستحقات الفيول والغاز الذي اشترته وزارة الطاقة بعد اجراء المناقصة، بعد «تمنّع» وزارة المال عن سداد تلك المستحقات بحجة أنّ «الفارق كبير بين توافر الأموال، وبين وجود ضمانة وسند قانوني، بخاصة أنّ المبلغ الكبير المطلوب تأمينه يتطلب مرسوماً يوقع عليه رئيس الحكومة والوزراء المختصون وهو ما ليس متوافراً. ناهيك عن أنّ مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً باعادة أيّ سلفة يتم اقرارها كما يفرض قانون المحاسبة العمومية، لا بل حتى أنّها نأت بنفسها عن سدادها». وهذا ما يعني أنّ فريق رئيس مجلس النواب نبيه بري دخل من الباب العريض على خطّ الخلاف بين ميقاتي وباسيل مع العلم أنّ الأخير يتهمه بالمباشر بـ»تشغيله» رئيس الحكومة وتحريضه للإقدام على عقد جلسات لمجلس الوزراء.

 

هكذا وضع ملف تمويل قطاع الكهرباء على طاولة الابتزاز السياسي خصوصاً وأنّ ميقاتي يلوّح باستعداده لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء، فيما الأمانة العامة لمجلس الوزراء تعدّ جدول الأعمال، والأرجح أنّ ميقاتي يترقّب البند المناسب، الذي يحمل عنوان «الأكثر الحاحاً» لإحراج القوى المعترضة وتحديداً «التيار الوطنيّ الحر» ودفع «حزب الله» إلى فصل مساره عن حليفه، لدعوة الوزراء لعقد جلسة ثانية. ولكن حتى الآن لا موعد جديداً في الأفق.

 

ولهذا، لا خيار أمام «التيار الوطنيّ الحرّ» إلا الطعن أمام مجلس شورى الدولة علّه بذلك يتمكن من تطويق ميقاتي والحدّ من اندفاعته الحكومية، خصوصاً اذا سارت سفن مجلس الشورى كما تشتهي رياح باسيل. فعلياً، في حال أقدم أحد الوزراء العونيين على الطعن، والأرجح أنّ أحدهم سيفعلها، ويتردد أنّ وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار هو من سيتولى هذا الأمر ليطعن بالمراسيم المتعلقة بوزارة الشؤون الاجتماعية، مع العلم أنّه وقع على تلك المراسيم قبيل ارسالها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيث من المستبعد أن يطال الطعن أياً من القرارات التي تهمّ الناس بشكل مباشر، سواء تلك التي لها علاقة بالمساعدات الاجتماعية التي قدمت للقوى العسكرية، أو بدعم الاستشفاء، وذلك من باب عدم احراج مجلس الشورى ووضعه بمواجهة الناس في هذه الظروف الصعبة.

 

ولهذا، من المرجح أن يكون الطعن بمراسيم أنشأت حقوقاً مكتسبة بشكل مباشر، ليكون الطعن بمثابة رسالة سياسية المقصود منها تضييق حجم تصريف الأعمال في عمل مجلس الوزراء والحدّ من القرارات الممكن أن يتخذها خصوصاً اذا قرر مجلس الشورى ابطال القرار الذي سيُطعن به، مع العلم أنّ هذا القرار يتيح لمجلس الشورى ابطال كلّ القرارات اللاحقة وحتى تلك التي اتخذها مجلس الوزراء، لأنّ الابطال سيطال مبدأ اتخاذ القرارات في حكومة تصريف الأعمال في ظلّ الشغور الرئاسي، وليس القرار بحدّ ذاته. وهذا ما سيؤدي إلى فرملة اندفاعة ميقاتي للحدّ من القرارات التي قد تتخذها حكومته «المبتورة».