Site icon IMLebanon

اللقاء التشاوري” وليد الخوف على النظام ليس قوة ثالثة بل دفع للخروج من الاهتراء

على قاعدة التوافق بديلاً من الإجماع، يعود مجلس الوزراء إلى الانعقاد اليوم بعد أسبوعين من التعطيل، سعى خلالهما رئيس الحكومة تمام سلام إلى تعديل آلية العمل الحكومي بعدما إصطدم على مدى الاشهر السبعة الاخيرة بـ”فيتو” وزاري “بالمفرّق”، عطل الحكومة وشل إنتاجيتها.

لم يكن ذلك الفيتو الوزاري الا ثمرة تفاهم بين مجموعة من مكونات الحكومة، كان لفريق من المسيحيين فيه اليد الطولى، في إقرار سابقة في توقيع القرارات المتخذة في مجلس الوزراء في إطار ممارسته وكالة، ومجتمعا صلاحيات رئيس الجمهورية.

نزل رئيس الحكومة عند رغبة هذا الفريق حرصا منه على حماية صلاحيات رئاسة الجمهورية الشاغرة بفعل عدم وجود رئيس، وذلك بعد حفلة من المزايدات المسيحية.

لم يلاق قرار سلام ترحيباً في أوساط فريق الرابع عشر من آذار. وكان اول من اعترض على الصيغة المعدلة رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة الذي حذر من تحول الحكومة الى مجلس وصاية على صلاحيات الرئاسة.

لم تنجح محاولات سلام الأخيرة لإعادة تصويب الامور والعودة الى الصيغة الاساسية لعمل الحكومة بموجب الدستور تحت وطأة رفض فريق وزاري مسيحي وُلد من رحم الازمة الرئاسية. فكانت ولادة ما عُرف باللقاء التشاوري الذي جمع رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل والرئيس ميشال سليمان، على مصيبتين: احتكار التمثيل المسيحي بتيارين سياسيين هما حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، واحتكار التنافس على الرئاسة بين زعامتي هذين التيارين.

لم يلاقِ المولود الجديد ترحيباً بما أنه وضع في خانة البحث عن دور على الساحة المسيحية، ولج اليه من خلال تعطيله مطلب تعديل آلية العمل الحكومية.

يرفض الوزير السابق خليل الهراوي الذي واكب اللقاء التشاوري، الاتهامات التي سيقت حول دور اللقاء. ويكشف لـ”النهار” انه لم يكن إبن ساعته او رداً على أمر مستجد، بل جاء نتيجة مشاعر إنزعاج تولدت لدى مؤسسيه من الواقع الذي آل اليه النظام السياسي، معطوفة على شعور بأن ما يحصل من فراغ رئاسي وتعثر حكومي بعد التمديد النيابي يدفع نحو تغيير للنظام، وهذه أمور لا تحصل مصادفة.

يستغرب الهراوي حصر التمثيل المسيحي بحزبين، بعدما بات واضحا التمثيل الطائفي المحصور لدى الطوائف الأخرى، بما يجعل النظام يتجه نحو إنشاء كانتونات مذهبية داخل السلطة ويحوله من مشاركة المواطن في إختيار ممثليه كما جاء في دستور الطائف، إلى الاختيار الطائفي لهؤلاء على أساس نظام مذهبي. يشكو الهراوي الاهتراء غير الاعتيادي في المؤسسات، ويشعر بأن الاتجاه نحو الكانتونات المذهبية عززه طرح القانون الارثوذكسي. من هنا، كان لا بد لمن لا يوافق على هذا المنحى ان يعبّر. وأتت فكرة تعديل الآلية الحكومية وما سمعناه من الكتل الكبيرة التي تجسد المذاهب في إتجاه إنشاء مجلس وزاري مصغر ليؤكد المخاوف المشار اليها. والواقع ان السبب الحقيقي لقيام اللقاء التشاوري لم يكن الآلية بل رئاسة الجمهورية من أجل إعادة الانتظام الى الحياة السياسية، بإعتبار ان انتخاب رئيس جديد من شأنه ان يلجم الانزلاق نحو التعديل البطيء للنظام وإرساء نظام جديد من خارج الطائف.

ويؤكد الهراوي أن حركة اللقاء لن تتوقف هنا، ما دامت التلزيمات ماشية والبلاد ماشية وكأن لا حاجة الى رئيس!”.

لا يعول كثيراً على الاهتمام الدولي بلبنان وإن كان يقدّره. ولكن الحرص الدولي على الاستقرار الامني لا يعني في رأيه بقاء الوضع على حاله.

اما عن المرحلة المقبلة بالنسبة إلى اللقاء، فيؤكد أن التحرك سيستمر ضاغطاً في إتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي وكسر المواقف الجامدة في التعاطي السياسي. فلا يمكن البلاد أن تستقيم وتنتخب رئيساً في ظل فريق يريد العماد ميشال عون وآخر لا يريده. ومن هنا التلاقي مع البطريرك الماروني بشارة الراعي.

ويرفض الهراوي إتهام اللقاء بأنه وجد لكسر الحصرية المسيحية. فهذا كلام غير صحيح في رأيه لأن اللقاء ينظر الى حوار عون- جعجع كحوار بين حزبين وليس كحوار مسيحي كما يصنَف.إذ لو كان كذلك لضم كل الشخصيات المسيحية. لكن اللقاء يشجع هذا الحوار بما يتيح الوصول الى افكار جديدة يمكن ان تشكل خطوة تلاقٍ للقوى السياسية حولها ومن ضمنها اللقاء التشاوري الذي لا يعتبر نفسه قوة ثالثة أو بديلة، بل قوة تدفع في اتجاه الخروج من الجمود والاهتراء القائمين.