IMLebanon

استشارات ٢

 

حيّد لقاء الديمان الثنائي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر أمس، المصالحة التاريخية، عن مجرى الرياح السياسية الموسمية بين الطرفين، الى جانب وقف التقاصف الاعلامي، كما جاء في البيان المشترك الذي برزت فيه نفحات أفكار صاحب الدعوة، البطريرك بشارة الراعي. وشمل التوافق عدم تحويل أي خلاف سياسي الى اختلاف، طالما بقي متعذرا التوحّد سياسيا.

الخطوة ريّحت الأجواء، ولو انها اعتبرت ناقصة، بغياب رأسي الهرم القواتي والتياري، واذا سألت الجواب حاضر: الوزير باسيل كان على سفر، والحكيم، سبق له ان التقى الرئيس عون قبل بضعة أيام، وعندما يحضر الماء يبطل التيمم.

هذه الخطوة تلتها أخرى بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الحر، انما من طرف واحد، طرف الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي نصح رئيسه وليد جنبلاط الرفاق والمناصرين، بعدم الدخول في سجالات عقيمة مع هذه المجموعة العبثية، فجنبلاط الذي أطلق الشرارة الأولى بحديثه عن فشل العهد، لم ير مبررا لمواصلة القصف فيما أوقفه الآخرون، علما ان الجميع مدرك، بأن تغريدة متوسطة العيار يمكن ان تشعل النار مجددا.

ثمة من يتوقع ان تستمر هذه الهدنة وتعيش، لسببين: توفير الجو الآمن للاستشارات النيابية رقم ٢، التي باشرها الرئيس الحريري، أمس وما قبله. ونفاد الذخيرة الكلامية من التعابير الاتهامية والهجائية التي استهلك منها أحد الأطراف بحجم ترسانة الأطراف الأخرى مجتمعة.

في الأمثال الفرنسية، انك تستطيع ان تفعل كل شيء بالسلاح، إلاّ ان تجلس فوقه…

والمواجهات الكلامية، منذ اندلاع صراع الأحجام والأوزان، والحقائب والأعداد، بسلاح الاتهامات ونبش الأموات، بدأت تصيب أصحابها.

واقتربت أكثر من جدار المحظورات السياسية، والاقتصادية، فكان لا بد مراجعة المعطيات والأحداث كي يبقى للصلح مطرحا، خصوصا وان المشكلة، بوجهها الحكومي، ليست هنا وحسب، ولا حلّها هنا فقط، والمتابعة، في نهج التحدّي السياسي والدستوري، قد تنتهي بالجميع الى الفراغ الحكومي، بينما الرئاسة الأولى لا زالت في ربيعها الثاني.

واقع الحال ان جزءا كبيرا من حياتنا السياسية، يقع خارج الدستور والقوانين وحتى الأعراف، التي يفترض أن لا يكون لها مكان بوجود النصوص الدستورية، واذا كان الذي يحصل، هو عملية خلط بين الدستور والأعراف، لغرض انتاج نهج مهجّن، يسمح بالالتفاف حول بعض المواد الدستورية، المتصلة بالصلاحيات التنفيذية، من دون ملامستها، وإلاّ استيقظ حرّاس الطائف من سبات التسوية الرئاسية، ويا ليت ساعة مندم…

بعض الجهات الدبلوماسية، تتابع ما يجري في جنوب سوريا لتعرف ما سيجري في بيروت، وتعتبر قمة هلسنكي، بين ترامب وبوتين، قمة العالم، وليس الشرق الأوسط الجديد وحسب، وأكثر من ذلك، هي بالنسبة الى الشرق العربي قمة سايكس الأميركي وبيكو الروسي اللذان وزّعا الشرق العربي على قياس مصالح بلديهما. ولذلك فان البعض يرى بأن العجلة في تشكيل الحكومة، من الشيطان… في حين ثمة من يضغط لضرب الحديد وهو حامٍ وعصفور باليد ولا عشرة على الشجرة.

الثابت ان محركات تشكيل الحكومة تعمل على الديزل ولن تتحول توربو، والمأمول مداواة الحاضر بالحاضر، وفق نمطية تصريف الأعمال، الذي تعتمده الحكومة، وقريبا مجلس النواب، الذي يستطيع ترتيب أوضاع لجانه وهيئاته في هذا الوقت الحكومي الضائع.

حقا لا توجد حقيقة مطلقة في هذه الحياة، بل وجهات نظر…