تتخوّف جهات سياسية من عودة الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني داخل المخيّمات، ولا سيما في مخيّم عين الحلوة، حيث يتوالى مسلسل الإغتيالات والأحداث. وتربط الجهات مخاوفها إزاء إمكانية حصول أحداث أمنية في هذا المخيّم أو سواه على إيقاع التطوّرات في سوريا، وأيضاً في الداخل الفلسطيني، لا سيما بعد تموضع حركة «حماس» الجديد إلى جانب المملكة العربية السعودية، وذلك في خضم الصراع الإقليمي الذي يتركّز بين المحورين السعودي والإيراني، خصوصاً بعد زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إلى جدّة، والتعليقات والتداعيات التي نتجت عن المحادثات التي قام بها. وتستذكر هذه الجهات السياسية، المناخ الفلسطيني الذي سُجّل منذ سنوات على أثر اتفاق مكة بين حركتي «حماس» و«فتح»، والتدخل السوري ـ الإيـراني في حيـنه لنسف هذا الإتفاق، مما أدّى إلى صدامات دموية بين الفلسطينيين، نتجت عنها انقسامات سياسية وخلافات عميقة تركت آثارها السلبية في سياق العلاقة بين الحركتين، والتي انعكست على مجمل الساحة الفلسطينية في فلسطين المحتلة وخارجها. ولاحظت الجهات، أن الوضع الفلسطيني اليوم شبيه بذلك الوضـع، مشيرة إلى أن سحب ورقة «حماس» من إيران قد لا يمرّ بهدوء، وهو ما بدأ يُترجم من خلال بعض الإشكالات والتفجيرات وصولاً إلى عمليات الإغتيال التي بدأت تُسجّل أخيراً على السـاحة الفلسطينية وفي المخيّمات، خصوصـاً في مخـيّم عين الحلوة، الذي تبرز هذه الصراعات داخله بقوة، وكان آخرها اغتيال الفلسطيني طلال الأردني. وكشفت الجهات السياسية المذكورة عن اتصالات جرت في الساعات الماضية بين جهات أمنية لبنانية وفلسطينية لاحتواء التوتّر في عين الحلوة وضبط الوضع الأمـني. إلا أن المطّلعين على بـواطن الأمور، يعتـقدون أن ما يحصل يتخطّى الإشكالات الفردية المتفرّقة، وهو يعـود إلى جمـلة أسباب ودوافـع قد تؤدي لاحقاً إلى تأجيج الصراع السياسي، وتحويله إلى صراع أمني، أو إلى واقـع ميداني بين بعض الفـصائل الفلسطينية، ولا سيما بعد دخول جهات تكفيرية وأصولية على الخط.
ومن هذه الدوافع التي تعزّز المخاوف، تابعت الجهات السياسية نفسها، تردّدات توقيع الإتفاق النووي الإيراني ومحاولة بعض الأطراف التشويش عليه، وذلك من دون إغفال التطوّرات في مخيّم اليرموك في سوريا، وارتدادات الحرب السورية وتأثيراتها على المستوى الفلسطيني، وصولاً إلى عودة التجاذب الإقليمي حول منظمة «حماس». وفي هذا الإطار، تبرز أهمية الزيارة التي قام بها مشعل إلى السعودية في توقيتها ومضمونها، كونها أتت بعد ايام معدودة على الإتفاق بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
من هذا المنطلق، تبدو وضعية المخيّمات الفلسطينية في لبنان قابلة للتفجير، وبالتالي، فإن الأنظار تتّجه إلى مخيّم عين الحلوة بشكل خاص، حيث أن الأمور تبقى قابلة للتفجير، وذلك في ضوء معلومات من داخل المخيّم تتحدّث عن تسجيل حال استنفار غير عادية في صفوف بعض التنظيمات التكفيرية والأصولية. وقد وصفت المعلومات نفسها الوضع الأمني في عين الحلوة بـ«المخيف»، في حال انطلقت شرارة التفجير، وذلك على الرغم من الإتصالات التي تجري على مستوى السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبّور، كما على مستوى قيادات الفصائل الفلسطينية في الداخل، تزامناً مع لقاءات ميدانية تجري منذ أسابيع بين مخابرات الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينية في المخيّم.
ومن المتوقّع، وبحسب المعلومات نفسها، أن تتّضح خارطة الوضع الأمني في عين الحلوة إنطلاقاً من تطوّرات الإشتباك الإقليمي الحاصل، نظراً لارتباط المخيّم بشكل وثيق في صراع المحاور الحاصل في المنطقة، وصعوبة وقوف القيادات الفلسطينية بوجه أي سيناريو أمني إقليمي يجري ترسيمه تمهيداً لتنفيذه على الساحة الفلسطينية.