IMLebanon

حرب احتواء لا قضاء على داعش

ليس أمراً قليل الدلالات أن يتولى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مهمة الترجمان للنيات الروسية في سوريا. فالروس أوحوا أن ما قاموا به مؤخراً هو مزيد من الشيء نفسه، تاركين لدمشق وحلفائها الحديث عن موقف نوعي من شأنه إحداث تبدل في موازين القوى. والأميركان المحرجون حيال النقلة الروسية على رقعة الشطرنج انتقلوا من القول إنها محكومة بالفشل الى التفاوض التاكتيكي بين وزيري الدفاع الأميركي والروسي وصولاً الى التقليل من أهمية ما حدث وتصوير الأهداف بأنها دفاعية. وعواصم المنطقة انشغلت بمزيج من الحسابات الواقعية والتوقعات الخيالية.

لكن القاسم المشترك بين الجميع، وهو خطاب الحرب على داعش الذي بدا كأنه جواب كامل الأوصاف، بقي محل أسئلة: هل هناك بالفعل خطط لإنهاء داعش؟ وهل المسألة هي الفارق بين القدرة والرغبة أم الاعتبارات والمصالح التي تتحكم مرحلياً بادارة الصراع الجيوسياسي؟

ذلك أن المعادلات ناقصة، بالخيار أو بالاضطرار. فلدى الرئيس باراك أوباما خطة معلنة منذ سنة ل إضعاف داعش ثم القضاء عليه، من دون خطة لاسقاط النظام، بصرف النظر عن الموقف المعلن من رحيل الرئيس بشار الأسد. ولدى الرئيس فلاديمير بوتين خطة للحفاظ على النظام، من دون خطة للقضاء على داعش وبقية التنظيمات الارهابية بما يضمن الحفاظ على كل الجغرافيا السورية. التجربة أكدت أن خطة أوباما فاشلة، بعدما تبارت موسكو وطهران ودمشق في الحكم عليها بالفشل. والانطباع الذي يراد تعميمه حالياً لضمان النجاح هو استخدام المفتاح الصحيح على الأرض تحت الغطاء الجوي. فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرى أن الجيش السوري هو القوة القادرة على ضرب داعش. والرئيس الايراني حسن روحاني يقول إن القوة الرئيسية لمحاربة الارهاب هي القوات المسلحة الايرانية القادرة وحدها على تدمير الارهابيين.

وهذا بالطبع تبسيط للأمور وتركيز على وجه واحد للمشكلة من دون الالتفات الى الوجوه الأخرى وانعكاساتها. ففي الحسابات التي تدار بها حرب سوريا شيء من بوليصة ضمان مرحلية مزدوجة: داعش بوليصة ضمان للنظام، والنظام بوليصة ضمان لداعش. وفي الحرب على الارهاب قاعدة لا مجال للقفز من فوقها: كل احتلال أجنبي أو نفوذ اقليمي مذهبي يؤدي الى قيام تنظيمات مذهبية متطرفة. ومحاربة داعش بقوات أجنبية أو محلية واقليمية مذهبية تقوي التنظيم الارهابي والتعاطف معه ضمن مكونات مذهبية معينة.

وليس لدى الأميركان والروس والايرانيين وحلفائهم سوى هذه الوسائل الأجنبية والمذهبية لمحاربة داعش. وكل الخطط، حتى اشعار آخر، هي في اطار الاحتواء، وليس القضاء على داعش.