Site icon IMLebanon

استمرار الفراغ الرئاسي «يهركل» كل المؤسسات

«عاصفة الحزم»، حدث عربي استثنائي في هذه المرحلة الصعبة والخطيرة في المنطقة. بالتأكيد إنهاء العاصفة بقرار رسمي لا يشكل هزيمة عسكرية كما يحلو للممانعين أو لـ»مماليك» ايران الجدد في الصراخ عالياً. ما يحصل يفتح الباب أمام التفاوض ويؤكد على امر هام جداً، وهو الشعور بأن استمرار «العاصفة» يعني الحرب للحرب وتجاهل الخسائر المدنية. التفاعل مع الشعب اليمني يؤكد انسانية يتجاهلها النظام الاسدي وايران وروسيا في سوريا. لا يمكن مقارنة خسائر الشعب اليمني وهي مؤلمة بالخسائر الضخمة وغير المسبوقة للشعب السوري.

الأهم في كل ما حصل في اليمن ان «عاصفة الحزم» أطلقت، كما يقول الرئيس فؤاد السنيورة، «شيئاً لا يمكن حصره. منذ عدة عقود والمنطقة تعاني خللاً استراتيجياً كبيراً«. لقد «استشرست« ايران وهي تراقب هذا الخلل الناتج من ضعف غير مسبوق في البنيان العربي. لم يسبق لأحد ان قال كما قالت ايران انها تسيطر على القرار في اربع عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. لم تترك طهران في هذا الاعلان مجالاً للتفاهم طالما ان الضعف العربي هو السائد.

«عاصفة الحزم» بدت مفاجئة، لذلك احدثت بسرعة تغييراً في الوجدان العربي. لأول مرة لم ينتظر العرب قراراً وفعلاً أميركياً. أهم ما حصل استعادة العربي جزءاً من توازنه الاستراتيجي. الهزيمة لا يمكن ان تقع لأنها غير مقبولة، فلا أحد يتحمل هزيمة سياسية كاملة في اليمن التي تشكل مفتاح باب المندب.

اليمن اليوم بحاجة الى حل سياسي مثلها مثل سوريا والعراق ولبنان. الحل السياسي يكون باستيعاب جميع المكونات اليمنية وقواها. دون ذلك لا حل. خلال الاسابيع المقبلة، سيتم استكشاف الحل السياسي في اليمن في مؤتمر على غرار الطائف، سواء عقد في السعودية او في أوروبا. لأول مرة يبدو الاتفاق شبه قائم بين موسكو وواشنطن على ضرورة الإسراع في الحل.

أما في سوريا، فإن التحول فيها يبدو بطيئاً. الكلمة الاولى ما زالت للقتال والعمل على تعطيل خطوط التماس وتثبيتها، حتى تجلس الاطراف على الطاولة. العقدة الاساسية في إقناع بشار الأسد ودائرته العائلية والمافيوية في الخروج من السلطة. قبل حصول ذلك يجب التوصل الى اتفاق مع ايران وروسيا.

اما في لبنان فان «الستاتيكو» هو سيد الموقف. يقول الرئيس السنيورة «الحل يكون لا هذا ولا ذاك». يضيف «عون ما بيمشي ولا احد يستطيع ان يمشّيه ليصبح رئيساً للجمهورية«. كان لديه عشرة وزراء في الحكومة ولم يفعل شيئاً يعبر عن التغير. كانت تجربته غير ناجحة. ما يحصل الآن ان الفراغ الرئاسي يؤدي فعلياً الى «هركلة« كل مؤسسات وخطف جزء من الدولة». رغم ذلك الحوار بين المستقبل والتيار مستمر، وظيفة هذا الحوار ليس الحل وانما تحسين الاوضاع الامنية. يتناسى البعض كما يقول الرئيس السنيورة «ان علينا سبعين مليار دولار من الديون وليس لدينا طوق نجاة كما اليونان والاتحاد الاوروبي. ايضاً المجال الوحيد المفتوح امامنا هو الخليج العربي، فلنحافظ عليه بدلاً من استفزازه».

بداية التفاوض في اليمن تفتح أبواباً أخرى للحل في المنطقة. الخطوة الأولى لكل ذلك ان يعرف الجميع في الداخل والخارج، وان يقتنعوا، أنه يجب إلغاء التعلق بالإلغاء وإلا استمرت الحروب في المنطقة عقوداً عديدة، الجميع فيها خاسر.