تفعيل العمل الحكومي بات من أولويات عمل الحكومة وسلسلة خطوات مرتقبة بخصوصه
تثبيت الأمن في مقدمة المهمات المطلوبة لا سيما وضع حدٍ لظاهرة السلاح المتفلّت وازدياد نسبة الجرائم، وهي مهمة صعبة وليست سهلة
لم تعد مسألة تفعيل العمل الحكومي شعاراً يطرحه المسؤولون لتبرير بقاء الحكومة بعد إنجاز قانون الانتخاب الجديد والتمديد التقني للمجلس النيابي الحالي لمدة تقارب السنة ريثما تتم التحضيرات المطلوبة لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها المحددة، بل أصبحت هذه المسألة تشكل تحدياً واقعياً لا يمكن تجاهله او التهاون فيه لأنه بات يضغط في اكثر من اتجاه بفعل المشاكل والازمات التي تواجه لبنان من الداخل والخارج على حدٍ سواء، الأمر الذي يستوجب التحرك بفاعلية وجدّية لوضع المعالجات المطلوبة او التخفيف قدر الامكان مما يتعرض له اللبنانيون جراء الضغوطات والاحداث المتلاحقة في العالم العربي اليوم.
ولذلك، ينتظر ان تبدأ الحكومة سلسلة خطوات واجراءات في وقت قريب لترجمة ما وعد به رئيس الحكومة سعد الحريري لتفعيل العمل الحكومي لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من خلال حلحلة المشاكل والعقبات التي تعترض اطلاق الدورة الاقتصادية وتحريك الوضع الاقتصادي من كل جوانبه بعد زوال مبررات انشغال الحكومة والوسط السياسي بوضع قانون الانتخاب الجديد وباتت الاجواء ملائمة اكثر من السابق للانكباب على وضع الحلول المطلوبة بالتعاون بين كل الاطراف السياسيين المشاركين في الحكومة، لانه لم يعد ممكناً ترك الامور على حالها من دون البحث عن كل ما يؤدي الى التخفيف من وطأة ما يعانيه لبنان ويواجهه من تحديات ومشاكل من هنا وهناك.
وانطلاقاً من الظروف والوقائع الصعبة والمعقدة المحيطة بلبنان والضاغطة امنياً واقتصادياً واجتماعياً على الداخل اللبناني منذ نشوب الازمة السورية وملحقاتها منذ اكثر من ست سنوات، لا بد من التعاطي مع الواقع القائم حالياً كما هو والمبادرة سريعاً لاستنباط الحلول والمعالجات المتأتية جراء هذه الازمة المجاورة وغيرها، وخصوصاً في كيفية ايجاد الآليات المطلوبة للتعامل مع ازمة النازحين السوريين الضاغطة في كل الاتجاهات على اللبنانيين، للتخفيف من اثرها وتداعياتها السلبية قدر الامكان وعدم انتظار المساعي الجارية لإنهاء الحرب الدائرة بسوريا التي قد تطول لسنوات اضافية بفعل التعقيدات والتشابكات وتضارب المصالح بين الدول الكبرى والمؤثرة في المنطقة، لان الانتظار هكذا من دون افق او انكشاف لنهاية الحرب الدائرة، سيعرض لبنان لمزيد من التداعيات السلبية والضغوطات التي تزيد من المشاكل واستنزاف قدرات اللبنانيين ومصالحهم وتعيق تطور بلادهم.
ويأتي تثبيت الوضع الامني ومنع تفاقمه في مقدمة المهمات المطلوبة لتفعيل العمل الحكومي، لا سيما وضع حدٍ لظاهرة السلاح المتفلت وزيادة نسبة ارتكاب الجرائم الشخصية في مختلف المناطق، وهي مهمة صعبة وليست سهلة كما يتصورها البعض بفعل استمرار وجود السلاح غير الشرعي بيد العديد من التنظيمات المسلحة والاحزاب وعلى رأسها «حزب الله»، لانه مهما اتخذ من اجراءات وتدابير لمعالجة هذه الظاهرة المرضية التي تفتك باللبنانيين، ستبقى ناقصة في ظل وجود فئة تحتكر حمل السلاح غير الشرعي تحت حجج غير مقنعة وذرائع اصبحت ممجوجة بعدما استعمل هذا السلاح تارة لقتل اللبنانيين بالداخل، كما حدث في السابع من ايار عام 2008 ومصادرة مرتكزات الدولة اللبنانية وقراراتها، وتارة لقتل السوريين الثائرين ضد نظام الاسد الديكتاتوري كما يحدث منذ سنوات وسنوات بالداخل السوري.
فالاجراءات الأمنية والتشدد في ضبط الوضع الامني عنصر مهم وضروري لتحريك الدورة الاقتصادية وجذب المستثمرين والسياح واعادة الثقة بلبنان ككل، لانه من دون استتباب الامن وطمأنة الناس بالداخل والخارج على حدٍ سواء، يصعب على الحكومة تنفيذ خططها وبرامجها لانعاش الوضع الاقتصادي وايجاد الحلول المطلوبة للمشاكل الاساسية التي يعاني منها اللبنانيون كحل ازمة الكهرباء المستعصية وازمة النفايات التي تفتك بأكثرية المناطق اللبنانية وغيرها من المشاكل الاخرى.
ولذلك، وفي ضوء الوقائع والعقد المستعصية التي تواجه لبنان من اكثر من اتجاه، لا بد وان يكون التحرك الحكومي تحت مظلة التوافق بين الاطراف الاساسيين عاملاً مهماً لوضع الحلول والمعالجات الممكنة للمشاكل القائمة للتخفيف من معاناة اللبنانيين في معيشتهم وحياتهم اليومية قدر الإمكان، وهذا ممكن في اطار التفاهم السياسي الذي يحكم عمل الحكومة منذ تأليفها وحتى اليوم، في حين يبقى حل المشاكل والازمات بالكامل رهينة التطورات والتفاهمات الاقليمية والدولية، وهذا يبدو اكبر من قدرة ورغبة اللبنانيين على اختلافهم.