»في حال لم تستمر التعقيدات بوجه تشكيل الحكومة فان تأليفها سيبصر النور في وقت قريب«. هذه العبارات كثيرا ما سمعناها. بعدما تأخرت التشكيلة الوزرية، مع العلم ان المعقدين معروفون بحسب ما سبق قوله على لسان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، اضف الى ذلك ان مجالات التعقيد معروفة جراء مطالبة البعض بحقائب وزارية معينة من الصعب ان تعطى بوجه غير حق لمن ليس بوسع احد القول ان الهبة الوزارية محصورة بفريق معين، الا في حال كانت رغبة في حقيبة او اكثر لمن ليس بوسعه ان يشكل ثقلا سياسيا وقبل ان تتطور الامور باتجاه الوصول الى حكومة امر واقع تكون مرفوضة منطقيا؟!
هذه الدوامة ليس من في وسعه تخطيها الا في حسم الرئيس الحريري الامر باتجاه حكومة تشكل ارتياحا وليس مجرد ارضاء لهذا الجانب على حساب المصلحة العامة، ما دفع الامور باتجاه التعقيد وليس التسهيل الذي من الواجب الاعتماد عليه كي لا تعود الامور الى نقطة الصفر، بما في ذلك تجديد الاعتماد على حكومة تصريف الاعمال التي شبع اللبنانيون من سلبياتها وحيث لم تسجل ايجابية واحدة في مجال حل ملفات اساسية مثل ملف النفايات وملف المياه وملفات الكهرباء الى اخر معزوفة ملف الفساد المهيمن على العشرات من المؤسسات العامة.
صحيح ان الحكومة الجديدة ستكون مطالبة اولا بانجاز قانون الانتخابات النيابية لكنها لن تكون حكومة الا في حال ركزت تلقائيا على الملفات الانفة، كي لا تتكرر الازمات ويتكرر معها اللعب على القوانين والانظمة بما في ذلك مالية الدولة التي تشكو من الارهاق نظرا لكثافة المديونية. اضافة الى ما هو مرجو لجهة النفط والغاز حيث قيل صراحة ان نائبا الح على طلب حقيبته جراء ما هو مرتقب من اموال سيدرها هذا الملف الحيوي، شرط ان يبصر النور اولا ومن بعد ذلك، الانطلاق في العمل الكبير والملح طالما ان مجالات المنفعة العامة مؤكدة على هذا الصعيد.
والاصح بالنسبة الى كل ما تقدم هو التفاهم على اساس ان مجلس الوزراء فريق واحد وليس تجمعا سياسيا يتناتش مالية الدولة على غير الحساب المرجو ان يكون نظيفا من غير حاجة الى تدابير شكلية القصد منها الانتقال من واقع سيىء الى واقع اسوأ، نظرا لكثرة المشاكل التي تواجه الدولة من غير مكان قل نظيره في حال لم تحسن الحكومة ادراك ما هو مطلوب منها في مجموعة مجالات سياسية وادارية والاقتصادية وامنية من الصعب على اي كان القول انها قد تكون مقبولة في حال تم تشكيل الحكومة بمعزل عن الهموم والمشاكل التقليدية المؤهلة لان تضرب صدقية الدولة في حال لم تؤد الحكومة الواجب المرجو منها؟!
هذا الكلام ليس مجرد تعابير فلسفية، كون العلة معروفة في السياسة وفي كل ما يمت اليها كعمل عام مطلوب من الحكومة ان تواجهه بموقف واحد وموحد، وهذا من ضمن الامنيات والتمنيات المطلوب اصلاحها كعمل ايجابي ملح من الصعب استمراره بلا سلاح ومواجهة جدية ورصينة على الجميع مواكبتها بهمة واضحة وليس مجرد التمني بتجاوز العقد بالنسبة الى ما هو مرجو من تحسن ظاهر غير قابل لاي تراجع الى الوراء، بما في ذلك الاستمرار في دوامة اللا حكم التي ظهرت في الاونة الاخيرة من خلال مخلفات حكومة تصريف الاعمال التي عززت المعاندة السياسية والاقتصادية والامنية والادارية في وقت واحد؟!
ان مجالات الاتكال على فريق عمل وزاري موحد وجدي، كثيرة جدا، خصوصا ان عمل حكومة تصريف الاعمال اقتصر على ما يعجب الوزراء من غير حاجة الى ان يرضي مجلس الوزراء مجتمعا، بدليل استمرار الملفات الاساسية عالقة ومن دون حاجة الى من يطرحها للمعالجة بعيدا من المصالح الخاصة التي صبغت حكومة الرئيس تمام سلام ولا تزال على ما هي عليه من دجل سياسي واضح وصريح؟!
الجديد الذي طرأ على الصعيد يتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية العماد ميشال عون ومن ثم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، من غير ان يعني ذلك لبعض السياسيين ان لا مجال للقبول بما يطالبون به من حقائب وزارية لم يعرفوا كيفية تأكيد سلامة الاداء فيها وهذا الكلام موجه صراحة الى من وصفهم الرئيس الحريري بانهم يعقدون تشكيل الحكومة ودونهم الكثير من العقد المستعصية المعالجة لعدة اعتبارات في مقدمها ان من يعقد تشكيل الحكومة لن يسهل تأليفها مما فيه من مصالح وغايات خاصة على حساب المصلحة العامة؟!