اختلفت الحرارة امس بين مجلس النواب حيث عقدت الجلسة الثانية للحوار، وبين الحراك الشعبي الذي انتشر على مداخل ساحة النجمة حيث دارت مناوشات بين المعتصمين وبين قوى الامن الداخلي ادت الى اصابات في صفوف العسكريين والمدنيين فضلا عن توقيف اكثر من ثلاثين متظاهرا على خلفية تعديهم على رجال الامن، كما ساد هدوء مفتعل خلال جلسة الحوار التي تخللها عرض مواقف بعد كلمة افتتاحية لرئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الذي اعرب عن تفاؤله بامكان تحقيق تقدم ايجابي في الجلسة.
ولان الامور تحتاج الى مزيد من الدرس والنقاش اعلن الرئيس بري «ارجاء الجلسة الثالثة للحوار الى الثلاثاء 22 الجاري، على امل تخطي التعقيدات وتسجيل نقاط ايجابية من الواجب تحقيقها لما فيه مصلحة الجميع»، لكن الاخرين لم يفصحوا عما دار في الجلسة الثانية باستثناء ما افصحت عنه اوساطهم في وجهات نظر تخص البعض وتتعارض مع الاخرين!
وفي المقابل جاء غياب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون عن الجلسة الثانية للحوار بمثابة اعتراض منه على شيء لم يتحدد، فيما مثله في الجلسة رئيس التيار الوطني وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي رفض الافصاح عن سبب غياب الجنرال، في الوقت الذي اعادت مصادر مطلعة غياب عون الى امتعاضه عما تعرض له موكبه بعد الجلسة الاولى للحوار من جراء رمي البيض والبندورة بعكس ما حصل مع غيره من المتحاورين. غير ان المصادر المطلعة قالت ان غياب عون لا مبرر له طالما انه ممثل بصهره الوزير باسيل (…)
كما ترددت معلومات عن ان الفريق المسيحي في الحوار اقل من الحجم الواجب ان يمثل المسيحيين، خصوصا بعد غياب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي لا بد وانه قد شعر مسبقا بأن المؤتمر سينتهي من دون نتيجة تذكر، مع العلم ان شركاءه في قوى 14 اذار هم في المؤتمر على اعلى المستويات وفي مقدم هؤلاء الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب فيما جاء تصرف عون على اساس ان ممثليه في المؤتمر اقل من ان يكونوا معبرين عن رأيه ومواقفه، مثل حليفه رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية؟!
الذين من رأى عون يعرفون انه في حال توصل المتحاورون الى حل معضلة انتخابات رئيس الجمهورية، فلن تكون النتيجة لمصلحة عون اقله لان التدابير السياسية الاحترازية التي سيؤخذ بها ستقضي بانسحاب عون وجعجع لما فيه مصلحة مرشح ثالث من غير ان يكون في صف عون او جعجع، لذا فان النتيجة المرتقبة تعني حلا من اثنين، اما انسحاب عون الجدي والصريح من السباق الرئاسي واما اعترافه بان حجمه وحده لا يفي بالغرض مهما كانت الحسابات التي يتكل عليها، اضافة الى موقف حليفه حزب الله من الانتخابات الرئاسية المؤيدة له من دون لبس!
ولجهة البقية الباقية من نقاط الحوار، فانها ستركز على البحث في قانون انتخابات نيابية لا تزال عناوينه تتعارض كليا مع رغبة الجنرال بالنسبية الصرف، طالما انه متمسك بالقانون الارثوذكسي وهو ما يتعارض صراحة مع الفريق المسيحي الاخر المتمثل بحزب القوات اللبنانية الذي له وجهة نظر مختلفة مثله مثل حزب الكتائب وحزب الوطنيين الاحرار، بما في ذلك موقف المسيحيين المستقلين وفي مقدمهم الوزيران بطرس حرب وميشال فرعون!
وفي عودة الى ما حفلت به جلسة الحوار الثانية، فان ما علم عنها لا يشير صراحة الى تحقيق تقدم على صعيد معالجة موضوع الانتخابات الرئاسية، كي يقال ان موضوع الانتخابات النيابية كان محل بحث ومناقشة، فضلا عن ان مجال الكلام في العموميات لا يزال سائدا، حيث هناك اكثر من وجهة نظر بالنسبة الى الموضوع الواحد الجاري عرضه على بساط البحث، لاسيما ان ما يقال عن جلسات مجلس الوزراء انها معلقة حتى اشعار اخر يشجع الجميع على تجنب ما يقال عن مفاجآت مرتقبة، ان بالنسبة لموضوع النفايات او لجهة المواضيع الاخرى العالقة مثل الكهرباء والمياه وسلسلة الرتب والرواتب!
ان ترك مثل هذه المواضيع معلقة في الوقت الحاضر يهدف الى امكان بحثها في جلسات الحوار فيما هناك من يجزم بأن جلسات مجلس الوزراء لن تبحث في الهموم المشار اليها قبل ان تتضح الامور التي سيجري بحثها في جلسة الحوار، ان كانت ثالثة او رابعة لا فرق شرط الاقتناع بأنها من المواضيح الملحة (….)