IMLebanon

الدوران المستمر للهرب من المخرج الرئاسي

ليس البحث في مواصفات الرئيس على طاولة الحوار سوى تمارين ذهنية أمام جدار المنع أو الامتناع عن انتخاب رئيس للجمهورية. فاللعبة مكشوفة من حيث يراد لها أن تكون مستورة بالنسبة الى المواقف المحرجة في التسمية بدل التوصيف. والمفترض أن يكون المتحاورون قد طرحوا على أنفسهم سؤالاً في الأساس قبل أي بحث في بند رئاسة الجمهورية: هل نحمل نحن مفتاح انتخاب الرئيس أم انه لا يزال كالعادة في أيدي القوى الاقليمية والدولية؟

ولكل سؤال سياسي في لبنان جوابان، لا جواب واحد كما في الشعر عند جميل بثينة. والجوابان حاضران منذ ما قبل الشغور الرئاسي: لبننة ولا لبننة. دعوات، من باب تبسيط الأمور، الى ضمان نصاب الجلسة الانتخابية وترك النواب يختارون بين المرشحين المعلنين والمفترضين. وتذكير، من باب الواقعية، بالحاجة الى انتظار الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥١ ثم ملحقه الأمني الاقليمي بين واشنطن وطهران، ثم التفاهم السعودي – الايراني، ثم الصورة التي تنتهي اليها حرب سوريا وما على أجندة الرئيس فلاديمير بوتين بعد الدخول العسكري المباشر في الحرب.

وكل جواب يفرض منطقه. اذا كان السادة المتحاورون مقتنعين بأن المفتاح في يد الخارج، فلا معنى للبحث في المواصفات. واذا كانوا على استعداد لتحمل المسؤولية وممارسة اللبننة، فان المخرج من المأزق واضح بعد المباريات اللغوية في مادة المواصفات. ذلك ان كل طرف على جانبي الانقسام السياسي يريد رئيساً منه وله ويطرح المواصفات التي تنطبق عليه. وكل طرف يعرف، بالحسابات الذهنية والتجربة العملية خلال الشغور الرئاسي، انه عاجز عن ضمان الأصوات التي تفتح امام مرشحه الطريق الى قصر بعبدا. فلا مجال لانتصار فريق على آخر. ولا فرصة لمرشح محسوب على اي محور اقليمي.

وليس من المعقول استمرار ما حدث حتى الآن، وهو تعطيل اللعبة الديمقراطية، اذ لو أصر في اي بلد الطرف الذي لا يستطيع ان يضمن نجاح مرشحه على تعطيل اللعبة لما جرت انتخابات ديمقراطية في العالم. وليس من المقبول ان يبقى اللبنانيون في المأزق لأن الخروج منه لا يخدم مصالح فريق ما. والحد الأدنى من الوطنية والمسؤولية يفرض الخروج من المأزق بالتوافق على رئيس للبنان لا لفريق واحد. رئيس يملك من الوطنية والخبرة والحكمة والعلاقات واللاأنانية وطبيعة التصرف كانسان ما يعيد آلة السلطة الى العمل ويحفظ رأس لبنان وقت تغيير الدول ليبقى بلد التسويات والازدهار والثقافة ومنارة الشرق.