تعصف التدخلات السياسية بأزمة تثبيت العمال المتعاقدين في كازينو لبنان. يُمنع عنهم التثبيت تحت عنوان ضرورات الإصلاح، فيما هناك فائض من الموظفين يتقاضون رواتبهم وهم في منازلهم، بينما يتنعّم رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بمبالغ سخية كـ «مكافآت» تصل الى مئات آلاف الدولارات!
عاد متعاقدو كازينو لبنان إلى لهجتهم التصعيدية للمطالبة بتثبيتهم. إضرابهم قبل سنتين لمدّة 22 يوماً فتح الباب لنيل «التثبيت» مطلع كانون الثاني 2015. هذا ما انتزعه المتعاقدون عام 2012 من مجلس إدارة الكازينو في حضور المساهم الأكبر الذي يحمل 52% من أسهم الكازينو، أي شركة «انترا» ممثلة برئيس مجلس إدارتها محمد شعيب. وقد نص الاتفاق على «التثبيت على مرحلتين»؛ الأولى في أول كانون الثاني 2015، والثانية في أول كانون الثاني 2016. وعلى هذا الأساس حُدّد موعد لعقد جمعية عمومية لمساهمي الكازينو مطلع الشهر الجاري، وأدرج ضمن جدول أعمالها موضوع تثبيت المتعاقدين بهدف تكريس وعود مجلس الإدارة للمرجعيات المسيحية. إلا أن غياب «انترا» عن الجمعية، بتنسيق مسبق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أفضى إلى إسقاط نصاب الجمعية وإغلاق الباب المفتوح أمام التثبيت.
وبحسب مصادر في نقابة موظفي الكازينو، فإن «إسقاط النصاب بهذه الطريقة مستغرب، خصوصاً أن شعيب كان حاضراً أيام الاتفاق الذي أفضى إلى وقف إضراب الموظفين عام 2012. صحيح أنه امتنع يومها عن التصويت تعبيراً عن عدم رضى كل من مصرف لبنان والمساهم السياسي في الكازينو عن الإدارة الحالية، غير أن الأمر لم يكن يتعلق بحقوق 250 متعاقداً يقرّ بها الجميع».
ما تبيّن اليوم أن رفض «انترا» الذي أدّى إلى غيابها عن الجمعية العمومية «يستند إلى وجود فائض في موظفي الكازينو يبلغ 512 شخصاً غالبيتهم لا يأتون إلى مركز العمل، وإلى ضعف القدرات المالية للكازينو، وإلى كون غالبية المتعاقدين من طائفة واحدة» على حد قول أحد أعضاء مجلس الإدارة. ولم يتوقف اعتراض «انترا» على مقاطعة الجمعية العمومية، بل تبيّن أن «الخط مسكّر مع شعيب ولا أحد يرد على نقابات الموظفين» بحسب مصادر نقابية. كما أن حاكم المركزي كان قد أوضح في حديث لقناة «LBC» الأسبوع الماضي رداً على سؤال عن تثبيت المتعاقدين «أن الكازينو يتطلب إصلاحات». ولم ينحصر الأمر بذلك،
انترا والمصرف
المركزي: التثبيت
مقابل الاصلاحات
إذ اجتمع مجلس إدارة الكازينو في مقرّ انترا الأسبوع الماضي وقرّر أن يقدّم عرضاً للمتعاقدين بمنحهم مبالغ مالية مجزية توازي كلفة تثبيتهم في مقابل الحفاظ على عقودهم ضمن شركة ATDC المملوكة من أبيلا والتي لديها ممثل في مجلس إدارة الكازينو.
إذاً، المعادلة التي يطرحها سلامة وشعيب هي «الإصلاح مقابل التثبيت». إلا أن سلوك شعيب وغيابه عن الجمعية العمومية استدعيا من النائب سيمون أبي رميا إصدار بيان حاسم اللهجة يشير فيه إلى «أهمية تثبيت الموظفين الموعودين منذ عامين». وتطرّق إلى الوعود التي حصل عليها هؤلاء منذ عامين بعد «اعتصامات في الكازينو» استدعت سلسلة اتصالات بين عدد من المرجعيات المسيحية، محذّراً من أنه «نتيجة عدم الامتثال وعدم احترام التعهدات التي كانت قد قطعت منذ عامين، فإن الاحتمالات كلها مفتوحة والقرار يعود الى الموظفين الذين لم يثبتوا. وستكون لدينا تحركات تصعيدية وتصاعدية من اجل إعطاء الحق لهؤلاء الموظفين».
الربط بين الإصلاحات والتثبيت، في رأي مصادر معنية، ليس سوى هروب من الوقائع المعروفة للجميع عن «حشو» سياسي في شركة الكازينو على حساب الحاجات الحقيقية، وأن هناك الكثير من الموظفين الذين لا يحضرون إلى مراكز عملهم رغم أنهم مسجّلون على لوائح الرواتب، وأن هذا الأمر هو الذي استدعى «تنفيع» شركة أبيلا من خلال اتفاق معها على توريد عمالة للكازينو. وهؤلاء المتعاقدون هم العمال الحقيقيون في الكازينو إلى جانب الموظفين الذين يمارسون عملهم بشكل عادي.
لكن الأنكى من ذلك كلّه، أن ضرورة الإصلاحات لم تمنع شعيب في جلسة مجلس إدارة الكازينو التي عقدت أمس في مقرّ «انترا» من مناقشة جدول أعمال يتضمن مكافآت لرئيس الكازينو بقيمة 100 ألف دولار وللأعضاء بقيمة 50 ألفاً لكل منهم. فالأعضاء والرئيس يحصلون على مبالغ مالية عن كل جلسة تعقد تبلغ مليون ليرة لكل عضو ومليونين لرئيس مجلس الإدارة، وقد تبيّن أن جلسات مجلس الإدارة تصل إلى أكثر من 13 جلسة شهرياً. علماً أن هناك اتفاقاً بين انترا ومساهمي الكازينو على توزيع أنصبة أرباح بقيمة 18 دولاراً عن كل سهم، لكن إدارة الكازينو لم تتمكن من توزيع المبالغ نظراً إلى الضائقة المالية التي تمرّ بها!