ينقل مقرّبون من البطريرك الماروني بشارة الراعي إستياءه الشديد الى حد القرف من تفاقم الفراغ الرئاسي ودخول البلاد الى مشارف الفراغ الثلاثي، بعد ان باتت دعوته الى إنتخاب رئيس للجمهورية الخبز اليومي لبكركي، لكن للاسف لقد تأكد من وجود صعوبة في التفاهم مع معرقلي الانتخابات الرئاسية، فوصل التباين السياسي الى خلاف مع هؤلاء. لان وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين، فالراعي الذي يكرّر يومياً بأن التعطيل مرفوض ويؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، بالاضافة الى إعلانه تأييد المرشح المقبول من جميع الاطراف ورفضه لمرشح التحدّي، ما زال يلاقي يومياً رفضاَ لكل هذه الدعوات من قبل العماد ميشال عون، ما انتج فتوراً سياسياً بين بكركي والرابية، تطور لاحقاً الى خلاف فقطيعة، بحسب ما ينقل المقرّبون من بكركي.
ويشيرون الى ان الفتور بدأ منذ طرح عون مبادراته التي تهدف الى انتخاب رئيس مباشرة من الشعب، وتحديداَ منذ حزيران 2014 أي خلال العشاء الاخير الذي جمع الراعي بعون في بكركي بحضور عدد من المطارنة، بحيث لم يكن اللقاء ايجابياً لان المناقشات سادته بطريقة سلبية ، اذ طرح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» إقتراحه بتغيير النظام وتحويله من برلماني الى رئاسي، الامر الذي أثار إستياء الراعي كثيراَ، فضلاً عن إستيائه بعد كل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لا تحظى بالحضور.
الى ذلك يشير المقرّبون من بكركي الى أن البطريرك الماروني يشعر بالخيبة لان كلمته ليست مسموعة من قبل بعض الاقطاب المسيحيين، وهذا ما يحرجه جداً داخلياً وخارجياً، فهو دّق ناقوس الخطر مراراً وطالب بالرئيس التوافقي، ما جعل الرابية تفهم الرسالة بأن لا مكان للعماد عون او لغيره من المرشحين الاستفزازييّن للوصول الى بعبدا، لان لبنان لا يقوم إلا على الوسطية، وبالتالي فمرشح التحّدي لا يوصل إلا الى الخراب.
من هذا المنطلق، اوصل الراعي الرسائل بوضوح مع ضرورة ان يكون الرئيس صناعة لبنانية، وليس كما جرت العادة، بسبب وجود هواجس مسيحية مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية مسيحية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، مع الاشارة الى ان سيّد بكركي طلب عشرات المرات من القيادات المسيحية ان تتفق على مرشح مقبول منهم لكن طلبه لم يتحقق.
وعن إمكانية حدوث أي شيء إيجابي على صعيد جمع الاقطاب المسيحيين، ابدت المصادر المقربة من بكركي تشاؤماً في إمكانية انعقاد أي قمة مارونية قريباً، لان الاقطاب لن يحضروا بالتأكيد بسبب تناحراتهم المستمرة الى الابد، ونقلت بأن الوساطات السياسية التي بادر اليها بعض المقربين على خط بكركي- الرابية، لإعادة وصل ما تهدّم من علاقة بعد سلسلة الاختلافات في وجهات النظر السياسية الحاصلة بينهما، لكن لم تؤد هذه الوساطات الى أي نتيجة، وكان آخرها محاولة شخصية كسروانية مقرّبة من الجهتين وبمساعدة عدد من الفاعليات المارونية لإعادة العلاقة ، لكنها وجدت صعوبة شديدة لان وساطتها بدت شاقة جداَ بحسب مصادرها. لان عون يرى إطاراً سياسياً آخر لا يقبل به الراعي، اذ يعتبر ان من حقه الوصول الى هذا المنصب لانه الممثل الاول للمسيحيّين، لكن الراعي يرى بأن الظروف تتطلب إنهاء حالة الفراغ وبصورة عاجلة جداً، لانه رافض كلياً إستمرار الشغور في القصر الرئاسي، اما العماد عون فيفضّل الفراغ بدل وصول رئيس غيره، أي قمة التناقض الذي لا حل له.