إذا كان المكتوب يقرأ من عنوان، فالأجدر بنا القول بأن اليوم الأول من الحلوة الثلاثية التي أرادها الرئيس نبيه برّي أن تحدث خرقاً في الجدار المسدود ينفي أية إمكانية في الوصول إلى مثل هذا الخرق، ذلك لأن المواقف المتضاربة ما زالت على حالها، ولم يحصل أي تقدّم أو تنازل من أحد على هذا الصعيد.
فالمتمسكون بإعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جمهورية على أن يأتي بعده الاتفاق على قانون جديد للانتخابات او تشكيل حكومة جديدة، ما زالوا على موقفهم ولم يتزحزحوا قيد أملة بالرغم من تأكيدات الرئيس برّي المتكررة على الالتزام باتفاق الطائف، وعدم المس به والعمل تحت سقفه لتبديد هواجس هذا الفريق الذي «نقز» من اقتراح السلة الواحدة وطمأنته إلى ان مثل هذا الطرح للسلة الواحدة لا يعني المساس باتفاق الطائف من قريب أو من بعيد بقدر ما يعني تعبيد الطريق أمام المؤتمرين لإحداث خرق في الجدار الرئاسي المسدود وتسهيل عملية إخراج لبنان من عنق الزجاجة بعدما تعاظم الخطر عليه جرّاء استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، واستمرار الدوران في الحلقة المفرغة.
أما المؤيدون للسلة الواحدة، ولو من منطلقات مختلفة وحسابات مختلفة، فإزدادوا تمسكاً بهذا الطرح لأنه لا يؤدي إلى الحل أو إلى الحلحلة بقدر ما يزيد الوضع تعقيداً، الأمر الذي يصب في خانتهم التي من الثابت انها لم تبدل موقفها من الاستحقاق الرئاسي وتبحث عن سبب للعرقلة ومنع مجلس النواب من الاجتماع من أجل انتخاب الرئيس والانتهاء من هذه الأزمة التي في حال استمرارها باتت تشكّل خطراً ليس على النظام الذي يتربع تحت عبء الخلافات المستحكمة بل على الكيان برمته.
وهؤلاء لا يريدون طبعاً الوصول إلى حلحلة الأزمة الرئاسية بل يتمسكون بهذه الأزمة واستمرارها لكي تبقى ورقة ضغط في يدهم على المجتمع الدولي الذي يُجمع على وجوب الحفاظ على هذا البلد وعلى وحدته وأمنه واستقراره، وبعث في هذا الخصوص بعدة رسائل إلى المسؤولين والقيادات اللبنانية بمن فيهم هذا الفريق الذي يلهي الآخرين بطروحاته العرقوبية بانتظار الانتهاء من الوضع الراهن في سوريا والبلاد العربية التي أصبح هو شريكاً أساسياً فيها من خلال تدخله القهري والسياسي في شؤونها الداخلية جنباً إلى جنب مع معلمه الأساسي في طهران وهو اللاعب الإقليمي الأول بصرف النظر عن تصنيفات الآخرين من الدول التي تلعب على هذه الساحة.
هذان الموقفان المتناقضان يدلان على أن ثلاثية الحوار التي بدأت أمس بالاتفاق على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية لن تخرج بالنتائج المطلوبة وبالتالي لن تشيل الزير من البير علی حدّ المثل اللبناني الدارج بل ستظل تراوح مكانها لأن الحل ليس ملكهم ولا هو بين أيديهم، بقدر ما هو بأيدي اللاعبين الاقليميين الرئيسيين وفي مقدمهم إيران الذي زار مستشار الأمن القومي فيها بيروت عشية بدء جلسات الحوار الثلاثية حاملاً رسائل إلى كل اللبنانيين مفادها ان الحل للأزمة اللبنانية في يد إيران ومن يرغب في الحل عليه أن يطلب منها المساعدة.