مؤتمر جنيف اليمني انتهى كما بدأ: رحلة الى أبواب مغلقة، وتمارين في العبث. فلا هو، في الشكل، بدا مؤتمرا متفقاً على صيغة الحوار فيه بين طرفين أو بين أطراف عدة، وان افتتحه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بحضور سفراء مجموعة ال ١٦. ولا، في المحتوى، كانت الظروف ناضجة للتفاوض على إنهاء حرب اليمن بتسوية سياسية. حتى هدنة رمضان التي طالب بها بان كي مون، فان الاتفاق عليها لم يحدث. وبقيت الفكرة معلقة على مشاورات يجريها الموفد الدولي اسماعيل ولد الشيخ أحمد بعد التقرير الذي سيقدمه الى مجلس الأمن. ولم يكن أمام الديبلوماسية الدولية سوى أن تحاول تغطية الفشل بالقول ان ما حدث هو مشاورات أولية لها متابعة في الأيام المقبلة.
ذلك ان حرب اليمن أكبر من الأطراف المباشرة التي تخوضها. الطرف الضعيف فيها هو قوة الشرعية المعترف بها عربياً ودولياً والممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي. والطرف الذي سيطر على الأرض بالقوة، عبر التحالف بين أنصار الله الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، ليس قادراً على ترجمة القوة الى سلطة معترف بها.
ما يطالب به الوفد الرسمي هو العودة الى ما قبل الانقلاب الحوثي على مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة بالسيطرة على صنعاء ثم بقية المدن. وما يطالب به الحوثيون هو العودة الى ما قبل عاصفة الحزم عبر وقف القصف الجوي الذي يقوم به التحالف العربي بقيادة السعودية، ثم الحوار من جديد على صيغة للحل السياسي. وليس اصعب من ان يعود الحوثيون الى ما قبل الانقلاب سوى ان يتمكنوا من حكم اليمن. ولا من ان تتراجع السعودية عن قرار القصف الجوي الذي اعتبرته تغييرا لقواعد اللعبة سوى ان تتمكن بالقصف الجوي وحده من انهاء اللعبة واعادة هادي الى صنعاء.
والتطورات في المنطقة ليست ملائمة للتفاهم بين الرياض وطهران الداعمة للحوثيين. ومجلس الامن يبدو عاجزاً عن تطبيق القرار ٢٢١٦ مع انه مبني على الباب السابع، والذي قيل يوم صدوره انه نصر ديبلوماسي كبير وكفيل بتغيير اللعبة. ولا فرق، سواء كان سبب العجز هو تعقيدات القضية اليمنية وصعوبة تفكيك الوضع العسكري على الارض، او كان صدور القرار بلا فيتو نتيجة تفاهم في الكواليس على ان يأتي التطبيق بالتقسيط والتفاهم عبر التفاوض بين الاطراف.
وليس من المفاجآت ان تتقدم اهتمامات الصراع الجيوسياسي على هموم الوضع الانساني الخطير في اليمن كما في سوريا والعراق.