Site icon IMLebanon

ظاهرتان متناقضتان لكنهما  وجهان لعملة واحدة !

اجراء الانتخابات البلدية في لبنان بعد تردد طويل، هو في حد ذاته فرصة مفتوحة على مسارين متناقضين… فاما أن تكون مناسبة لتصويب المسار الوطني وحافزاً للخروج من دوامة المراوحة في المكان نفسه. واما أن تكون بمثابة فرصة ضائعة جديدة في نظام تخصصت طبقته السياسية في قتل الفرص السانحة قبل تشكلها، أو القضاء عليها بعد ظهورها. وقد نجح كواسر النظام اللبناني العقيم حتى الآن بتمرير المرحلة دون وقوع كوارث كبرى، ببراعتهم في السير بين النقاط المنهمرة من السماء والألغام المزروعة على الأرض، ولكنه ليس في الامكان الاستمرار في النهج ذاته الى ما لا نهاية، وليس في كل مرة تسلم الجرة…

***

أهم ما كشفت عنه عملية اجراء الانتخابات البلدية ظاهرتان متناقضتان في الظاهر: الاقبال المتدني والعزوف الكارثي عن المشاركة في الاقتراع في العاصمة بيروت من جهة، وارتفاع تلك النسبة في المناطق الأخرى من جهة ثانية. وبعد التعمق في تحليل الظاهرتين يتضح أنهما في الواقع وجهان لعملة واحدة. وعدم الاقبال على الاقتراع في بيروت هو مؤشر خيبة ويأس لدى المواطن الناخب، من الطبقة السياسية ومن الحالة العامة في البلاد، ويعكس النبض العام الحقيقي للناس على مستوى الوطن. أما الاقبال النسبي على الاقتراع في المناطق، فله دوافعه المحلية الضيقة في المدن والبلدات والقرى. ولو كان الاقتراع سياسياً في المناطق، لما تجاوزت نسبته ارقام بيروت وربما أقل!

***

ستضطر الطبقة السياسية في نهاية المطاف الى مواجهة الواقع كما هو، وذلك عندما ينفد الوقت وتواجه خياراً مصيرياً: اما الاستمرار في الجمود وانهيار أساسات الدولة. واما الاقدام على قرار للانقاذ: اما بانتخاب رئيس للجمهورية، واما باجراء انتخابات عامة جديدة. وفي الحالتين من الصعب احياء حماسة الناس واعادة الحياة الى هياكل الدولة دون انتخاب رئيس، أو قانون انتخاب، يعبران عن النبض الحقيقي والعميق للناس من مختلف مكونات الوطن. اما اذا تم انتخاب رئيس معلب، أو أجريت الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين، فقد لا تجد صناديق الاقتراع، ناخبين يتوجهون اليها على امتداد الوطن!