Site icon IMLebanon

تباين بين التيار وحزب الله بشأن التمديد والنسبية

من المُنتظر أن تعود الحرارة إلى خط ملفّ الإنتخابات النيابية مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل إلى لبنان، لكن في ظلّ بروز تباين إضافي بين الأطراف الرئيسة المُفاوضة، وفي طليعتها كل من «حزب الله» و«التيّار الوطني الحُرّ» بسبب نظرة مُختلفة إلى أمور عديدة، من بينها مسألة التمديد للمجلس النيابي، في وقت يستمرّ فيه تعثّر مُحاولات التوصّل إلى قانون جديد للإنتخابات النيابيّة وفق مبدأ النسبيّىة الكاملة.

وفي هذا السياق، لفتت مصادر سياسيّة مُطلعة إلى أنّ «التيّار الوطني الحُر» يرى أنّ الوقت لا يزال مُتاحاً للتفاوض من دون الحاجة إلى أي تمديد للمجلس النيابي، باعتبار أنّ ولاية هذا الأخير تنتهي في 20 حزيران المُقبل، ما يعني إمكان إستمرار التفاوض بشأن القانون الجديد حتى 19 حزيران من دون أي مُشكلة، حيث يُمكن الإجتماع في اليوم الأخير من الولاية وبغطاء قانوني يتمثّل في طلب فتح دورة تشريعيّة إستثنائيّة للمجلس من قبل كل من رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في الوقت المُناسب، وذلك لإقرار القانون الذي يجب التوصّل إليه. وأضافت المصادر نفسها أنّ «حزب الله» يرفض في المُقابل أن يتمّ إستغلال مسألة الفراغ المُحتمل في السُلطة التشريعيّة كورقة ضغط لتحصين شروط التفاوض بالنسبة إلى الملف الإنتخابي، ما يَستوجب في رأيه القيام فوراً ومن دون أي تأخير بفتح الدورة الإستثنائيّة للمجلس النيابي، والقيام أيضاً في أقرب فرصة مُمكنة بالتمديد للمجلس، على أن تكون الفترة الزمنيّة لكل من الدورة الإستثنائيّة وللتمديد للمجلس، مُحدّدة ببضعة أشهر.

وأشارت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ «التيار» مُصرّ على أن لا خوف من «الفراغ» على مُستوى السلطة التشريعيّة، لأنّ سُلطات المجلس النيابي تنتقل فوراً عند إنتهاء ولاية المجلس، إلى مجلس الوزراء الذي يبقى قادراً على الدعوة إلى إجراء إنتخابات جديدة وعلى تنظيمها، لإعادة تشغيل دورة الحياة السياسيّة بشكل كامل. وأضافت المصادر عينها أنّ «الحزب» يرفض هذا المنطق، ويعتبر أنّ بقاء المجلس النيابي حاضراً بكامل سُلطاته وصلاحياته من دون أي إنقطاع هو مسألة لا مُساومة فيها، ليس للضرورات التشريعية فحسب وإنّما لمُتطلبات التوازن السياسي والطائفي الداخلي أيضاً، وبالتالي لا مجال للقُبول بتعطيل المجلس أو بكفّ يده تحت أيّ حجّة ولأي فترة زمنيّة – مهما كانت قصيرة.

ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ التوافق الإستراتيجي العام بين «التيار الوطني الحُرّ» و«حزب الله»، لجهة التموضع السياسي والنظرة إلى أمور المنطقة والإتفاق على حماية «المُقاومة»، لم يتأثّر خلال محطّات تباين سابقة بين الطرفين ولن يتأثّر بالتباين الحالي، والثقة المُتبادلة بين أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصر الله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا تزال راسخة. لكنّها حذّرت من أنّ أكثر من طرف يُحاول حالياً صبّ النار على زيت التباينات، لزيادة حدّتها ولمحاولة التفريق بين الطرفين، بخاصة في ضوء إرتدادات قمّة الرياض والقرارات التي صدرت في ختامها. وأضافت أنّ من شأن إستمرار التباين الحالي أن يُعقّد المسائل أكثر فأكثر، وأن يجعل من الصعب تنسيق القاعدتين الشعبيّتين لكل من «التيّار» و«الحزب» في الإنتخابات المُقبلة بشكل سليم وصاف كما حصل في دورة العام 2009 الإنتخابية.

وشدّدت المصادر السياسيّة المُطلعة على أنّ قاعدة «التيّار» الشعبيّة تأخذ على «الحزب» تغاضيه عن الهجمات السياسيّة والإعلاميّة التي يتعرّض لها العهد الرئاسي، وعدم دعمه مطالب رئيس «التيّار» جبران باسيل في الملفّ الإنتخابي، لا بل وُقوفه في وجهها في بعض الأحيان، بينما تأخذ قاعدة «حزب الله» الشعبيّة على «التيّار» إنجرافه في خطابات طائفيّة لا تعكس خط الإنفتاح الوطني الذي كرّسه عملياً منذ توقيعه «ورقة التفاهم» مع «الحزب» في شباط 2006، ودُخوله في تحالفات سياسيّة وإنتخابيّة لا تُلزم «الحزب».

وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بالقول إنّ المُشكلة الحالية تكمن في إختلاف أولويّات الطرفين، حيث أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» يُريد إنجاح العهد بأي ثمن، وإظهار القُدرة التغييريّة لزمن حُكم العماد عون على مُختلف مُستويات الحكم في لبنان حتى لو أدّى هذا الأمر إلى التصادم مع بعض الجهات السياسيّة الداخليّة، بينما «حزب الله» يُواجه حالياً معركة إقليميّة ـ دَوليّة شرسة لضربه وإضعافه، وهو حريص على أن تكون قاعدته الخلفيّة في لبنان بمنأى عن أي مُشكلة سياسيّة وعن أي إنقسام، وعلى أن يكون الوضع اللبناني الداخلي هادئاً ومُستقرّاً إلى أقصى الدرجات. وتوقّعت المصادر تحرّكاً قريباً على خط قيادات «التيار» ـ «الحزب» لمُعالجة التباينات القائمة حالياً، وللعمل معاً على إيجاد الحلول للمشاكل السياسيّة المُتراكمة بدءاً بملفّي التمديد وقانون الإنتخابات، لأنّ دقّة المرحلة تستوجب التفاهم بين الخُصوم، فكيف بالحري بين الحلفاء!