IMLebanon

جدل الرئاسة والجمهورية : الحق أم الاستحقاق ؟

مسلسل المواعيد مستمر من دون نصاب لانتخاب رئيس، وحتى من دون وعود باكتمال النصاب. ولا شيء يوحي أن المشهد في الموعد السابع عشر في ٧ كانون الثاني سيختلف عن المشهد في الموعد السادس عشر امس وما سبقه من مواعيد: النواب الذين يحضرون الى قاعة الجلسات لن يتغيبوا، والذين يتغيبون لن يحضروا. فما تغير الى الأسوأ والأخطر هو حال الجمهورية. وما تكرر على مدى ٢٠٠ يوم هو فعل كل ما يمكن للحفاظ على الشغور الرئاسي، والارتهان لحكومة رؤساء ومجلس نيابي يمدد لنفسه كبدائل من الفراغ.

وليس جديداً ان يطرح العماد ميشال عون مسألة الجمهورية قبل الرئاسة. فهذا ما كان ولا يزال يقوله منذ العام ١٩٨٨. ولا أحد يجهل أن الجمهورية معطوبة. اذ هي مضروبة بخلل في التوازن واقتراب من انعدام الوزن، وما هو اعمق من عدم تطبيق امور أساسية في الطائف، وأكثر من تهميش الموقع المسيحي، وأبعد من الخلاف على سلاح حزب الله ومشاركته في حرب سوريا. وهي تواجه مخاطر وتحديات مصيرية تتجاوز خطر داعش والنصرة وكل ما يخطط له الارهابيون التكفيريون والدول التي ترعاهم. لكن اللعبة الواقعية هي الرئاسة، بصرف النظر عما يستطيع وما لا يستطيع فعله أي رئيس بالنسبة الى تصحيح أعطاب الجمهورية.

والعجز عن انتخاب رئيس منذ ٢٥ آذار الماضي لن يتحول قدرة على انتخاب جمهورية.

ومن السهل الغرق في الجدل حول الحق في الرئاسة. لكن من الصعب الهرب من الواقع البسيط، وهو ان الرئاسة استحقاق لمن يضمن أكثرية تنتخبه. والسؤال في النهاية هو: ماذا لو بقي المرشحون الأقوياء أصحاب الحق عاجزين عن ضمان الأكثرية؟ هل يجب ان يتوقف مسار التاريخ؟ من يتحمّل مسؤولية منع أو الامتناع عن التفاهم على مرشح توافقي يضمن، أقله، انتظام العمل في النظام؟ ما هو مصير البلد والناس في مواجهة مخاطر هائلة تضرب المنطقة كلها؟ وهل تبقى الجمهورية، ولو معطوبة؟

الرهان على المظلة الدولية فوق لبنان كما على المساعي الديبلوماسية الخارجية لترتيب الموضوع الرئاسي ليس جواباً. فكل الكلام على المظلة الدولية لضمان الحد الأدنى من الأمن والاستقرار في لبنان يبقى كلاماً في الهواء لولا استعداد الجيش وقدرته على التصدي للارهاب. وكل ما يقوم به الموفدون الدوليون الى بيروت كما الى العواصم الاقليمية المؤثرة يبقى مجرد سياحة سياسية من دون ان تتحمل المرجعيات اللبنانية المسؤولية وتقرر عملياً، لا بالشعارات، اعطاء الأولوية القصوى لانتخاب رئيس.

وقديماً قال الحكيم سينيكا: لا رياح للائمة لمن ليس لهم اتجاه.