ثمة من يرى ان سمير جعجع بكل ما يتسرب من احاديثه مع المقربين منه وفي الدائرة اللصيقة بمعراب يؤكد انه ذاهب لاعلان ترشيح العماد ميشال عون والمسألة مسألة وقت ليس اكثر بانتظار اتضاح بعض التفاصيل في المشهد السياسي وان التقارب القواتي ـ العوني وصل الى خواتيمه ونهايته السعيدة. وثمة من يتحدث عن تردد في معراب وانتظار توقيت معين او كلمة سر قبل الاقدام على الخطوة التاريخية. وفي كلا الحالتين ثمة من يعتقد ان سمير جعجع بخطوته التي سوف يقوم بها سيكون اصاب عدة عصافير بحجر واحد، فباعتقاد كثيرين ان ترشيح عون لن يصل الى نتيجة وبالتالي فان عون لن يدخل قصر بعبدا بسبب «فيتو» المستقبل والسعودية عليه وبالتالي فان جعجع سوف يكون الرابح الوحيد لانه سيربح مسيحياً ليصبح الرجل الثاني الاقوى مسيحياً بعد ميشال عون بموجب ورقة «اعلان النوايا»، وما بين بين، فالمؤكد ان «اعلان النوايا» بين القوات والتيار فعل فعله في تهدئة الوضع المسيحي وتمتينه، وهو لا يزال يشكل متنفساً مريحاً للجو المسيحي العام الذي انهكته الانقسامات والخلافات المسيحية على مدى ثلاثين عاماً بين القوات والتيار انعكست سلباً على الوضع المسيحي وتراجعاً في الدولة، فأقل ما في التفاهم وانجازاته كما تقول اوساط مسيحية ان نوعاً من «الستاتيكو» الجديد بات يحكم العلاقة بين معراب والرابية ويقوم على إلغاء التشنج السياسي وضبط النفس والحفاظ على الحد الادنى من البروتوكولات السياسية في التعاطي مع الاحداث.
الواضح ان القوات تسعى الى محو آثار الماضي في المجتمع المسيحي بحسب الاوساط وباتت تمارس ضبط النفس وتحسب الف حساب قبل اطلاق المواقف النارية التي تزعج الرأي العام المسيحي والتي تتصل مباشرة بالملف المسيحي الذي استحوذ جزءاً اساسياً والاهم في ملف اعلان النوايا، ومن جهة الرابية فان الخطوة مع معراب ممنوع التشويش عليها وإلغائها خصوصاً ان «اعلان النوايا» تجاوز مطبات كثيرة وهو كان حاجة ملحة في ظل الأزمة المسيحية الراهنة في الحكم وما يواجهه المسيحيون في المنطقة.
لكن «اعلان النوايا» لمن يراقب كل التفاصيل لا يعني كما تقول الأوساط ان معراب ألغت نفسها لحساب هذا الاتفاق او ان الرابية في وارد الانقلاب على ذاتها وما انجزته من تفاهمات سياسية، فعون لا يزال في محور 8 آذار ويلتقي مع افكاره ورؤيته السياسية وسمير جعجع في قلب ثورة 14 آذار، وثمة من يطرح تساؤلات كثيرة في حال قام جعجع بترشيح عون من سيقترب من الخيارات السياسية للفريق الآخر، هل يمكن لسمير جعجع ان يقترب من خط 8 آذار وهو الذي كان اول المعترضين على خطوة اطلاق سماحة ولا يزال يطلق الانتقادات ضد النظام السوري والمحور الايراني وقتال حزب الله في سوريا، وكيف ستكون علاقة ميشال عون مع حزب الله وامتداد علاقته بمعراب؟
بدون شك كما ترى الاوساط فان التقارب بين معراب والرابية قطع اشواطاً كثيرة لكن حدودها لا يمكن ان تتجاوز ترشيح ميشال عون الى امور اخرى وملفات شائكة اكثر، فالتقارب المسيحي الحاصل حالياً هو تقارب الضرورة لكل من عون وجعجع، فرئيس القوات لا يمكن ان يقبل بترشيح خصمه السياسي في بنشعي واعلن انقلابه على الاتفاق الباريسي، وميشال عون يرغب بالوصول الى قصر بعبدا وكسر احتكار الفريق السني للقرار المسيحي ـ وهذا التقارب يشبه الانقلاب الذي قامت به قوى مسيحية في نهاية الحرب بتوحيد قرارها لاستعادة السلطة وحقوقها المصادرة ولكن نتائج هذا الانقلاب الذي من شأنه ان يؤدي الى تغيير الكثير من المعادلات السياسية وفي خريطة التحالفات لا احد قادر على معرفة الى اين سيصل وما هي نتائجه وتداعياته على الساحة، وهل يمكن ان يطرأ في اللحظات الاخيرة ما يعيد عقارب الساعة الى الوراء او ان الامور صارت بحكم المنتهية والبحث جار عن تحالفات وتموضعات سياسية جديدة.
في كل الاحوال فان التقارب المسيحي بات يثير مخاوف وهواجس الآخرين في الوطن، وما يحدث بين القوات والرابية لا يلزم حلفاء الرابية في 8 آذار، بالنسبة الى القوى الاساسية في هذا الفريق لا يمكن التعاون مع سمير جعجع انتخابياً وسياسياً ومن خلال التحالفات، خصوصاً ان تعرض معراب لحزب الله لم يتوقف وان خفت حدته عن السابق، تماماً كما ان سليمان فرنجية لا يمكن ان يصبح حليف الخط السياسي لـ14 آذار التي لا تزال ترى فيه مرشح النظام السوري.