سنة ١٩٥٢، وإثر استقالة الرئيس بشاره الخوري من رئاسة الجمهورية، ودعوة رئيس مجلس النواب آنذاك، أحمد الأسعد النواب لانتخاب رئيس جديد، إشتدّ التنافس بين حميد فرنجيه وكميل شمعون، وبلغت التدخلات الخارجية، وخاصة الفرنسية والانكليزية والسورية ذروتها داعمة هذا ضد ذاك أو ذاك ضد هذا، وحصل تبدّل في مواقف النواب، فكان ان اجتمع المرشحان، فرنجيه وشمعون في منزل الأستاذ يوسف سالم وبمبادرة منه.أحصى المجتمعان أصوات النواب، وبنتيجة دراستهما للموقف وقف حميد فرنجيه وقال لكميل شمعون: مبروك ثم صافحه. نقولا ناصيف – آخر العمالقة – ص ٥٦.
وفي ٢٣ أيلول ١٩٥٢ نزل النواب الى المجلس وانتخبوا كميل شمعون رئيسا للجمهورية بأكثرية /٧٤/ نائباً من أصل /٧٦/ كانوا حاضرين.
حصل ذلك بعد خمسة أيام من استقالة الرئيس بشاره الخوري.
لم يكن هذا سيناريو مختلقاً، بل واقعة تاريخية دامغة، حصلت في مثل الظروف التي تمرّ بها انتخابات رئاسة الجمهورية هذه الآونة.
حبذا لو تتكرّر، فيلتقي المرشحان العماد ميشال عون وسليمان بك فرنجيه وغيرهما كما التقى حميد فرنجيه وكميل شمعون. لكن يبدو، أقله حتى الساعة، ان ليس بينهم لا حميد فرنجيه ولا كميل شمعون.
لو ان المرشحين لرئاسة الجمهورية حالياً، يتّعظون بتلك الواقعة التاريخية، لوضعوا حداً لازالة وصمة التدخل الأجنبي في انتخابات رئاسة الجمهورية، كما كانت غاية وهدف الأستاذ يوسف سالم من دعوته إياهما في ذلك الزمن، لكانوا رفعوا عن النواب والكتل والأحزاب الحجج التي يختبئون وراءها لعدم انتخاب رئيس، ونزلوا الى المجلس النيابي وانتخبوا رئيساً للجمهورية فينهون أزمة يتخبّط بها البلد منذ سنة ونيّف وقد تطول، وهي تنعكس سلباً على لبنان، إن من الناحية الدستورية والأمنية والاقتصادية والمعيشية وعلى كافة الصعد، وتزيل حالة القرف التي باتت متملّكة باللبنانيين وتهدّد مصيرهم وكيان لبنان وديمومته.