IMLebanon

تبريد لا تسخين

مرّت جلسة مجلس الوزراء بسلام، ولم يعكر صفوها طبول الحرب التي دقت بعد غارة القنيطرة وإن كان هذا الموضوع نوقش من خارج جدول الأعمال، ليظهر الجميع التضامن الوزاري والوعي الوطني لحجم المخاطر المحدقة بالمنطقة ولبنان مع تشديد التمسك بقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي اتخذ بعد العدوان الاسرائيلي في تموز من العام2006 إضافة إلى تحييد لبنان عن مشاكل المنطقة التزاماً منه بسياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا.

وكان اللافت مما تقدّم أن مجلس الوزراء كان مرتاحاً للأجواء الإقليمية والدولية السائدة بعد أن هدأت طبول الحرب التي دقت من إيران إلى لبنان رداً على الغارة الاسرائيلية، ومال الجو نحو التبريد بدلاً من التسخين، وكأن هناك قراراً اتخذ بعدم تكبير حجم المغامرة الاسرائيلية والتعاطي معها بدبلوماسية هادئة تفرضها التطورات الايجابية على صعيد العلاقات الأميركية – الإيرانية والتي سحبت نفسها على مسار المفاوضات الجارية بين الدولتين في شأن امتلاك إيران للطاقة الذرية لاستخدامها في المجالات السلمية، ذلك أن اللغة التي استخدمها المسؤولون الإيرانيون في اليومين الأولين اللذين أعقبا الغارة الاسرائيلية، والردود الاسرائيلية عليها اتسمت بالحدة والتصعيد حتى خيّل للكثيرين أن الحرب لا بد واقعة بين اسرائيل وحزب الله لكنها ما لبثت اعتباراً من أمس أن خفت بشكل ملحوظ لتخلفها لغة اتسمت بدبلوماسية متناهية واستعداد من جانب الطرفين للجم ردود الفعل وإمرار ما حدث بهدوء بدلاً من استمرار التصعيد وصولاً الى المواجهة بين اسرائيل وحزب الله المدفوع من حكومة طهران.

أما الأسباب وراء هذا التبدّل تعود في الدرجة الأولى إلى أن التقدم الحاصل في المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران حول الملف النووي، وحصول طهران على تطمينات أميركية من الرئيس أوباما مباشرة بالمضي في هذا الخط الإيجابي، حتى ولو اصطدم بموقف مجلس الشيوخ المتشدد والذي يتجه لفرض عقوبات جديدة على طهران، الأمر الذي حمل إيران إلى مراجعة حساباتها بدقة وبهدوء، بعيداً عن ردود الفعل الغاضبة على الضربة الاسرائيلية الموجعة التي وجهتها إليها حكومة نتنياهو لأغراض بحت انتخابية واستعدادها للذهاب في التصعيد العسكري الى أبعد الحدود في حال ردّت إيران على هذه الضربة بواسطة حليفها في لبنان حزب الله.

وهذه الأسباب تقاطعت مع أسباب ذاتية عند حزب الله وهو أن الضربة حصلت داخل الأراضي السورية، وليس داخل الحدود اللبنانية، وأي ردّ عليها من داخل الأراضي اللبنانية يتحمّل وحده مسؤوليته في ظل إجماع اللبنانيين على رفض ذلك وتمسكهم بسياسة الحياد وإعلان بعبدا فضلاً عن أن الحزب بحاجة إلى موافقة النظام السوري على الردّ من داخل الأراضي السورية الأمر غير المتوفر له، لأن النظام كما عهدته اسرائيل لن يتورط أو يورطه الآخرون في أية مواجهة معها، ما يعني أن الأمور ستقف عند هذه الحدود.