Site icon IMLebanon

تبريد موقت من دون قدرة على تقديم التنازلات لا إمكانات لتسوية ارتهنت للعوامل الإقليمية

ارخت المفاعيل السلبية الكبيرة التي تركتها جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في 9 تموز الحالي وتميزت بموقف صارم للرئيس تمام سلام ازاء تصرف وزير الخارجية جبران باسيل بثقلها على جلسة مجلس الوزراء امس التي انعقدت للمرة الاولى بعد عيد الفطر، فعاكست التكهنات والتوقعات حول جلسة صاخبة قد تؤدي إلى فرط الحكومة. التزم الجميع الهدوء: فريق 8 آذار وتحديداً التيار العوني غلبت عليه محاولة استيعاب السلبيات التي لحقت به في المرة السابقة شعبياً من جهة وسياسياً من جهة أخرى مع بروز “حمّال على الكتف” هو النائب سليمان فرنجيه الذي قطف بسرعة تأييداً بموقف مسؤول شعر التيار بتهديده له سياسياً. وفريق 14 آذار والوسطيين قرّر عدم الردّ على التصعيد العوني أياً كان ما سيرفعه خصوصاً انه ما بات واضحاً بالنسبة إلى الوزراء أن آلية عمل مجلس الوزراء ليست هي الموضوع بل هي تعمد الحصول على تنازل من كل الأفرقاء لكل المواقع التي تخصّ المسيحيين تحت شعار أن الفريق العوني مضطهد وفق ما تضامن معه وزراء “حزب الله”. إلا أن نتيجة الهدوء لم تنجح في تغيير رأي رئيس الحكومة الذي ينقل وزراء انطباعات بأنه سيترك رئاسة الحكومة في ظل اقتناع راسخ لديه بأنه لن يُسمح للحكومة أن تعمل أو أن تسير شؤون الناس على رغم تأكيده أن ما يطرحه الفريق العوني سابق لوجود هذه الحكومة وهو لم يطرحه في الحكومات السابقة وسيبقى مطروحاً بعد هذه الحكومة كما أن الموضوع لا يعالج من ضمن الحكومة بل خارجها.

خلال كل فترة الأزمة الرئاسية المستمرة منذ عام وبضعة اشهر كان ثمة رأي غير مختلف عليه بانه في ظل عدم وجود فرصة للعماد ميشال عون بالوصول إلى سدة الرئاسة لغياب التوافق حوله، فان ثمة شيئاً يجب اعطاؤه له تعويضاً له عن ذلك. وهذا التعويض تمثل في مرحلة من المراحل بتحوله صانع الرئيس بدلاً من ان يكون هو الرئيس أي ان يكون في امكانه دعم وصول مرشح وفاقي أو مسايرته في حال وضع فيتو على احد الاسماء مثلاً كما كانت ستتم مسايرته بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش. في الاشهر الاخيرة ومع اصرار عون على بت تعيين روكز قبل انتهاء الولاية الممددة لقائد الجيش العماد جان قهوجي في ايلول المقبل تم الاقتراح على عون ان يعلن تخليه عن السعي إلى الرئاسة والعمل على انتخاب رئيس في مقابل تعيين صهره. الا انه رفض. كما رفض اقتراحاً آخر بترفيع العميد روكز إلى رتبة لواء من اجل اعطائه فرصة الاستمرار مدة اضافية بحيث ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيفسح في المجال امام هذا التعيين. مع وصول الازمة إلى الحال الراهنة لا يبدو متاحاً اقله وفق المعطيات الراهنة ان يتم اعطاء العماد عون أي شيء خصوصاً ان الطريقة الحادة التي طالب فيها بتعيين روكز قائداً للجيش قد اثارت محاذير كبيرة بحيث لن يكون ممكناً بت الموضوع كأنه أمر يتعلق بتعيينات امنية فحسب. فمطالبه اضحت جزءاً من مطالب فريق محلي مرتبط بمحور إقليمي وقد ارتبط موضوع تعيين قائد جديد للجيش بموضوع انتخاب رئيس جديد حكما. وتقول مصادر عليمة ان احد سفراء الدول المؤثرة كان اقترح على العماد عون ان يأخذ قيادة الجيش حين اقترح عليه ذلك في مقابل اعلان تخليه عن السعي إلى الوصول إلى رئاسة الجمهورية لئلا يخسر الاثنين معاً أي رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، الا انه رفض ذلك.

في الحال التي وصلت اليها الامور، تركز المعطيات المتوافرة لدى الجميع على عاملين:

الاول انه بات صعباً ان يقدم أي فريق تقديمات أو تنازلات للفريق الآخر ما دام الاعتبار الاقليمي لجهة الربح والخسارة هو الذي يرخي بظله على الوضع السياسي الراهن لئلا تعتبر هذه التقديمات أو التنازلات بمثابة مكسب أو انتصار لفريق اقليمي على فريق آخر. واذا كان ثمة رهان أو تعويل على ان الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران احرز مكاسب للفريق الموالي أو المناصر لايران في لبنان، فان تسييل ذلك في الحسابات الداخلية دونه عقبات اكبر في سياق الوضع الحالي ليس اقلها انه اذا لم تحصل تسوية اقليمية فقد يكون صعباً الوصول إلى تسوية داخلية علماً ان التسوية الداخلية تفترض وجود عناصر عدة فيها الاخذ والعطاء كما قال المسؤولون الايرانيون أي الرئيس روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف من ان التسوية تعني الاخذ والعطاء على نحو متوازن، في حين ان فريق 8 آذار فرض شروطه ولا يزال من دون ابداء أي استعداد لاي تسوية حتى الان. وتالياً فان منطق التسوية هذا ليس متوافراً في الداخل في سياق عجز الافرقاء اللبنانيين عن التفاوض من أجل إخراج البلد من ازمته.

العامل الثاني يتمثل في الخشية من ان الرهان على تغيير في الوضع الداخلي كأحد أبرز المترتبات أو الانعكاسات للاتفاق النووي كان متسرعاً بعض الشيء لجهة توقع نتائج فورية أو قريبة أو على الاقل وفق ما اعطي الانطباع بذلك. اذ مع ان آمالاً كبيرة تساور البعض بإمكان الوصول إلى تسوية في أيلول المقبل وفق حسابات معينة لا مجال للدخول فيها في هذا السياق، الا انه في غياب أي معطيات جازمة في هذا الاتجاه يخشى ان تكون هذه الآمال واهية حتى الآن.