IMLebanon

التعاون مع الشيطان؟

باستثناء الفريق الذي يعطّل انتخاب رئيس للجمهورية عن سابق تصوّر وتصميم وبكامل ارادته ووعيه، فإن باقي اللبنانيين، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ومشاربهم السياسية متحرّقون لانتخاب الرئيس، تمسكا منهم باستمرارية الدولة، وخوفاً على لبنان الكيان والنظام والوطن، ان هي وصلت الى حالة الانحلال الكامل، خصوصا في ظروف لبنان الحالية، حيث يكاد يسحق بين سندان الدينامية الاسلامية الارهابية ومطرقة التحالف الدولي الذي لم تعرف بعد اهدافه النهائىة واستراتيجيته الحقيقية، خصوصا عندما يتم تبشيرنا ان انهاء «داعش» واخوته، سيأخذ وقتا طويلا، يقدر بالسنوات وليس بالشهور، ولذلك فان المزايدة بين الافرقاء الحلفاء الساعين الى اعطاء انتخاب رئيس، الاولوية المطلقة ويريدونه بالامس قبل اليوم وغدا، هي مزايدة مرفوضة ومستهجنة لانها غير قائمة على قاعدة صلبة من المنطق، خصوصا عندما نعرف ونسمع، ان لا تحلموا بانتخاب رئيس غير مرشح معين وبالامس تحديدا اكد النائب مروان حماده في تصريح صحافي «اننا سننتظر سنوات طويلة لانتخاب الرئىس طالما ان تعطيل النصاب مستمر».

كل لبناني يعرف ان بكركي زكّت اربعة مرشحين موارنة اقوياء لمنصب رئاسة الجمهورية هم الرئيس امين الجميل، العماد ميشال عون، الدكتور سمير جعجع، والنائب سليمان فرنجية وقد تمّت هذه التزكية بحضور الاربعة وموافقتهم، وحيث ان الشريك المسلم اعلن في اكثر من مناسبة انه يقبل من يتفق عليه المسيحيون والمسيحيون اتفقوا على هؤلاء الاربعة، وكان يفترض وفق هذه المعادلة وهذا القبول ان ينتخب واحد من هؤلاء، فلماذا لم يعقد مجلس النواب جلسات مفتوحة وفق الدستور وينتخب احد المرشحين الاربعة، واذا تعذّر ذلك فان على مجلس النواب ان يقول عندها «الامر لي» وينتخب رئيسا للجمهورية، اما ان يستمر الوضع على ما هو عليه بعد حوالى اربعة اشهر على فراغ منصب الرئاسة الاولى في مرحلة هي الاخطر في تاريخ لبنان، فهذا امر يرتقي الى مستوى الخيانة العظمى في حق الوطن والشعب، وعندها يصبح من واجب مجلس النواب ان يشرّع، ليس الضروري والعاجل والهام من القوانين التي تساعد الدولة على الاستمرارية وعدم الافلاس والفشل فحسب، بل ايضاً كل ما يتعلق بتسهيل حياة المواطنين وما يلزم لدعم الجيش وقوى الامن مادياً ومعنوياً، كما يصبح من واجب مجلس الوزراء ان يواكب عمل مجلس النواب بعيداً من المناكفات والحسابات الخاصة او الطائفية والمذهبية، وان يصدّق نفسه انه يقوم مقام رئيس الجمهورية ويتصرف على هذا الاساس، اما الذين يرون عيباً في هذه الحالة، وانتقاصاً من حقوق المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً، فالجواب على هذا القول، انه من الظلم ان يدفع الشريك المسلم من الشعب، ثمن اخطاء لا علاقة له بها، حتى ولو كان يشارك المسيحيين فيها، لأن المسيحي في هذه الحالة يشبه براقش التي جنت على نفسها.

ان حكومة الوحدة الوطنية، هي كذبة كبيرة، على ما اثبتت الوقائع في هذه الايام، كلام كثير وكبير على التعاون والحوار وقبول الآخر، والفعل في مكان آخر، ويصحّ في هذه الحكومة المثل الشعبي المصري المعروف: «اسمع كلامك يعجبني اشوف فعايلك اتعجّب»، ولكن الواقع المؤلم انها موجودة ويجب التعامل معها على هذا الأساس، وما ينطبق على الحكومة ينطبق ايضاً على مجلس النواب المتخاذل، الكسول، الراسب في الامتحان، الراضخ للاملاءات الداخلية والخارجية، والذي يقبض من تعب اللبنانيين وعرقهم وبؤسهم، ويزوّر وكالتهم بالتجديد لنفسه، والمسؤول الاول عن عدم انتخاب رئيس، لكن ما الحيلة اذا كان موجوداً، واذا كان خصمك حاكمك، عندها يصبح السيىء افضل من الاسوإ، ويتم حتى التحليل للتعاون مع الشيطان، ولمذا التعجّب، ألم يتم تحليل التعاون في هذه الايام مع اميركا، الشيطان الأكبر، من قبل منظومة الممانعة والتصدّي؟!