ينقل، وفق معلومات تتناقلها أكثر من جهة سياسية، أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يحاول تمرير المرحلة بتفعيل عمل اللجان النيابية المشتركة، إلى حين أن تنضج الظروف لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والأمر عينه لعمل اللجان، إذ لم يعد يقبل تحديد جلسات أسبوعية للإنتخابات الرئاسية لأنها تشكل «بَهدَلة» وترفاً سياسياً، وبالتالي لا جدوى منها في ظل الاتهامات المتبادلة وما يحصل خلالها من هرج ومرج.
وعلى خط موازٍ، وخلافاً لما أشيع بأن هناك تباينات وخلافات كبيرة بين بكركي ورئيس المجلس، تشير المعلومات نفسها، إلى أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه بري عشية عيد الميلاد مع البطريرك الماروني بشارة الراعي كان ودّياً، وبالتالي، المعاتبة كانت صريحة إلى حدٍّ بعيد بين الطرفين، لا سيما عندما قال سيد بكركي «يا دولة الرئيس نريد أن تنتخب لنا رئيساً للجمهورية لأن الوضع لم يعد يُحتَمَل»، فردّ عليه بري بالقول «يا سيدنا أنا أتمنى أن يُنتخب الرئيس غداً، ولكنني لست من يُعطِّل الإستحقاق الرئاسي، وأنت تعرف الجهة التي لا تريد إنتخاب الرئيس، وتعمل على التعطيل والتسويف، وأنا الأكثر حرصاً على أن ينتخب الرئيس المسيحي، وسأرسل لك موفداً ليضعك في الصورة، متمنيا لك أعياداً مباركة وسنبقى على تواصل دائم».
وهذا ما حصل، تابعت المعلومات، عندما أوفد رئيس المجلس أحد مسؤولي «حركة أمل» الشيخ حسن المصري، الذي وضع البطريرك الراعي في كل تفاصيل الحركة التي يقوم بها بري، وكانت جلسة مجدية وإيجابية سادتها المصارحة، بحيث نقل الشيخ المصري بدوره رسالة شفوية من البطريرك الراعي إلى بري.
من هذا المنطلق، تقول مصادر مقربة من بري إن جلسة انتخاب الرئيس تتخطى المجلس النيابي والكتل، فيما رئيس المجلس يواكب ويتابع الإتصالات الجارية فرنسياً وعربياً وإقليمياً، وهو لن يحدِّد الجلسات لانتخاب الرئيس، تجنباً لأي صراعات سيشهدها المجلس النيابي، وتؤثر في المسار الذي بدأ يسلكه بري، والمغاير عن المرحلة الأولى التي شهدت جلسات أسبوعية متتالية دون أي جدوى، فيما يحاول ويسعى لعدم إعطاء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أي فرصة، خصوصاً بعدما حاول أن ينفتح على بكركي ويؤكد التزامه بثوابتها ومسلّماتها، وأن يكون إلى جانب سيدها في كل ما يقوم به، وهذا ما أشارت إليه نائبة تكتل «لبنان القوي» ندى البستاني، إضافة إلى «الطحشة» التي يقوم بها نواب «التيار» باتجاه الصرح البطريركي، بعدما كانوا يقاطعون في غالب الأحيان مناسباتها، ناهيك بعدم تأييدهم للمواقف التي سبق وأن أعلنها الراعي.
من هنا، تضيف المصادر نفسها إن بري الذي وعد الراعي بالسعي الحثيث للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في وقت قريب، فإنه في الوقت عينه، أكد له على ألا يتخطى أي طرف، أكان مجلس الوزراء أو غيره صلاحيات الرئاسة الأولى والميثاقية، ووضعه في صورة أهمية إنعقاد مجلس الوزراء في ما يخص شؤون وشجون الناس وقضاياهم الملحة، وأنه على تواصل وتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في هذا السياق.
ويبقى أخيراً، أن بري يقوم بتدوير الزوايا مسيحياً، على حد قول المصادر، من خلال عدم إعطاء فرصة لـ «التيار البرتقالي» للنفاذ منها، وحشر رئيس المجلس مسيحياً عبر اتهامه بأنه من يُعطِّل انتخاب الرئيس، أو على مستوى جلسات مجلس الوزراء، والإيحاء بأنه يتضامن ويتواصل مع ميقاتي حكومياً، وهذا ما بات في عهدة البطريرك الراعي بعد الجلسة المطوّلة مع موفد رئيس المجلس النيابي الشيخ المصري.