IMLebanon

«التنسيق مع سوريا» على جدول أعمال الحوار؟

اتصالات غير معلنة بين بيروت ودمشق

«التنسيق مع سوريا» على جدول أعمال الحوار؟

لم تلق دعوة وزير الداخلية نهاد المشنوق، التي أطلقها قبل أسابيع، صدى داخل «تيار المستقبل». نائب بيروت رأى ان الوضع الامني والسياسي في البلد يحتمل التشاور بشأن مشاركة «حزب الله» في الدفاع عن الحدود. ذهب أبعد من ذلك بالدعوة الى ان يكون هذا الامر موضع نقاش «وربما إجماع بين القوى اللبنانية».

طنّش المعنيون وأداروا الأذن الطرشاء. حلفاء البيت الواحد، بأكثريتهم الساحقة، لا يحتملون اجتهادات من هذا النوع. الرئيس فؤاد السنيورة، كما الوزير أشرف ريفي، لا يزالان يعتبران ان المدخل الطبيعي لأي حوار «طبيعي» مع «حزب الله» يجب ان يسبقه الانسحاب من سوريا.

لكن الرئيس سعد الحريري دخل عمليا مدار هذا الحوار ويعمل لإنجاحه، حتى بعد عملية مزارع شبعا في 7 تشرين الاول التي دفعت «الشيخ» مجددا الى تقمّص مرحلة العام 2006 باستحضار خطاب التخوين واحتكار قرار الحرب والسلم!

المطّلعون يرون أن ملف الحدود والتنسيق مع سوريا قد ينضمّان الى بنود النقاش بين الحزب و «المستقبل»، حتى مع إعلان الرئيس الحريري المسبق سحب بند القتال في سوريا من جدول الاعمال. بمعنى تأمين الأرضية الداخلية لاحتمال ان تصبح القوى الشرعية، ووجود الأمر الواقع لـ «حزب الله»، في مواجهة القوى التكفيرية التي أعلن التحالف الدولي حربه عليها، والتي يُسلّح الجيش اليوم من أجل ضربها.

لم يعد لافتا في هذا السياق سماع ديبلوماسيين أجانب يشيرون الاصبع الى ان الاجراءات التي يتخذها الجيش، والاحتياطات وحالة الاستنفار لـ «حزب الله» على طول الحدود الشرقية أثبتت فعاليتها في منع المدّ الإرهابي من الزحف صوب لبنان.

عمليا، هو واقع لم يعد باستطاعة أحد ان يتجنّبه أو يتصرّف على أساس انه من الافتراضات. على الحدود الشرقية المشتعلة مع سوريا هناك أربع قوى: الجماعات الارهابية، الجيش السوري، «حزب الله» والجيش اللبناني.

أي هجوم شبيه بذاك الذي حصل في بريتال في الخامس من تشرين الاول الماضي، والذي حاول خلاله الإرهابيون السيطرة على مواقع «حزب الله» في جرود بريتال ونحلة وبعلبك (داخل الاراضي اللبنانية) بهدف إرساء ممر آمن بين جرود عسال الورد وجرود الزبداني، لا يمكن ان يجرّ سوى الى ردة فعل مماثلة.

العقدة تكمن هنا في مدى استيعاب خريطة الداخل لواقع قد يتكرّر بأي لحظة، وفي بقع احتكاك أخرى غير بريتال، مع العلم ان كل المعارك الدائرة اليوم بين «حزب الله» والنظام من جهة و «النصرة» و «داعش» من جهة أخرى، تحصل في الجانب السوري من الحدود، فيما تنحصر مهمة الحزب، في بعدها اللبناني، على منع الإرهابيين من السيطرة على البلدات السورية الملاصقة لشريط المناطق البقاعية الحدودية والتقدّم باتجاهها.

لكن تبقى الحوارات الامنية ناقصة إذا لم تشمل المعطى السوري. في قضية المخطوفين العسكريين، وإمكانية المقايضة بمعتقلين في السجون السورية، وقضية النازحين السوريين، كما في مسألة الحدود وتحرّكات الجماعات الارهابية، التنسيق تحت الطاولة بين لبنان وسوريا، قائم وشغّال عند الضرورة، لكن من دون ضجيج.. بشهادة بعض الوزراء في الحكومة.

بعض المقرّبين من دمشق يدلّون بالاصبع الى عجز الحكومة التام عن جعل هذا التنسيق، بوجهه الرسمي، أجندة المرحلة بما كان يمكن ان يوفّر الكثير من الإخفاقات والأخطاء منذ بدء الازمة في سوريا.

هؤلاء يقدّمون مقاربة مبسّطة لما يمكن ان تنتجه غرفة عمليات مشتركة بين الجانبين اللبناني والسوري، مفترضين ان الدولتين باستطاعتهما تحويل إرهابيي «النصرة» و «داعش» الى مجموعات عالقة بين فكّي كماشة النظام و «حزب الله» في المقلب الشرقي من القلمون السوري من جهة والجيش اللبناني من جهة أخرى، مع عزل تام لعرسال عن جرودها، بما يمنع نهائيا انتقال المسلحين بالاتجاهين.

الخيار الآخر يكون باتفاق الحكومتين اللبنانية والسورية على تأمين ممر آمن للمجموعات الإرهابية تمكّنها من الانتقال من جرود عرسال ومناطق وجودها على الحدود صوب الداخل السوري المصنّف ساقط عسكريا بيد «داعش».

تبادل المعلومات الأمنية بين الجانبين السوري واللبناني لا يرتقي، حتى اليوم، الى المستوى المفترض القيام به حيال متطلّبات المرحلة. داخل خلية الأزمة نفسها هناك من يقطع الطريق على أي تنسيق مباشر مع نظام بشار الاسد، ورئيس الحكومة تمام سلام يقف ضد طرح هذا البند على جدول أعمال مجلس الوزراء متخطياً محاولات دفعه للقفز فوق حاجز «النأي بالنفس».

هذا لا يمنع وزيراً داخل حكومة الممانَعة للتنسيق الثنائي، وهو وزير الخارجية جبران باسيل، أن يطالب علنا، ومن الاردن بعد لقائه الملك الاردني عبدالله الثاني، بحصول تنسيق إقليمي وتشاور بين دول الجوار على الصعيد الامني، ولا سيما بين لبنان وسوريا، لمواجهة «الداعشيين».

باتت مواقف الأفرقاء السياسيين معروفة من هذه المسألة. شدّ الحبال مستمر من دون ان يفضي الى غلبة فريق على آخر. لكن، بتأكيد الرافضين لمطلب التنسيق «المشبوه»، فإن الحكومة القائمة لا يمكن ان تتحوّل الى حكومة التعاون مع بشار الاسد ونفض غبار الشرعية عن النظام السوري، مهما بلغت درجة الأخطار الإرهابية. ولا هي حكومة ستحوّل الجيش اللبناني الى طرف في المعارك الدائرة في القلمون، كتفا الى كتف الى جانب «حزب الله» والجيش السوري!