IMLebanon

منظومة عالمية جديدة مالياً واقتصادياً بعد احتواء «كورونا»

لبنان عينه على منع انتشار «الوباء» وقلبه على المساعدات الدولية

 

غداً تنتهي «سكرة» فيروس كورونا وما خلّفه هذا الوباء من خسائر عالمية مختلفة، وتأتي من بعدها «فكرة» التصدّي للانهيار المالي والاقتصادي الذي يُعاني منه لبنان قبل ان يضرب هذا الفيروس المعمورة طولاً وعرضاً.

 

لا شك ان الحكومة في وضع لا تُحسد عليه، فهي الآن مستنفرة بكل قواها للحد من انتشار كورونا لكنها في الوقت عينه تعيش حالة من التوتر الشديد حيال المرحلة التي ستعقب القضاء على هذا الفيروس، حيث تؤكد كل المعطيات والوقائع، بأن عالم ما بعد «كورونا» لن يكون هو نفسه عالم ما قبل «كورونا»، فالمنظومة العالمية إن على المستوى الاقتصادي أو النقدي وحتى على المستوى النفسي والمجتمعي ستتغيّر بشكل جذري، والدول التي اصابها الفيروس ستحتاج إلى سنوات وسنوات لاستيعاب الصدمة والخروج منها، وبما ان الوضع كذلك فإن لبنان لن يكون على الأجندة الدولية لفترة طويلة، وبالتالي فإن أي طلب للمساعدة من أية دولة، أكانت هذه الدولة صديقة أم شقيقة، لن يكون بالأمر السهل، حيث ان ما كان يطلبه المجتمع الدولي من إصلاحات كشرط أساسي لتقديم أية مساعدة، لم يعد مطلباً اساسياً لدى الدول المانحة وغيرها من الدول التي كان من الممكن ان تقدّم يد العون للبنان لتأمين خروجه من أزماته، فهذه الدول بالكاد تساعد نفسها في الوقت الراهن للخروج من الأزمات التي ستواجهها نتيجة الآثار التي سيخلفها وباء كورونا على مختلف المستويات، وبالتالي فإن لبنان لن يكون بمقدوره طلب المال، أقله هذا العام، من أية جهة كانت، وهذا يعني ان الأزمة الاقتصادية والمالية ربما تتفاقم أكثر خصوصاً وان ارتدادات «كورونا» سيكون وقعها صعباً على الاقتصاد اللبناني، وقد بدأت الأزمة المتوقعة تظهر إلى العلن بشكل واضح من خلال إعلان مؤسسات سياحية ومصانع وشركات، الإقفال وصرف الموظفين، وهذا الموضوع يُشكّل تحدياً كبيراً امام الحكومة التي لا تملك أي حلول في الوقت الراهن، كما انها عاجزة عن تقديم التعويضات اسوة ببعض الدول التي أخذت على عاتقها ضخ الأموال الهائلة في سبيل تجنّب أي انفجار اجتماعي يُمكن حصوله نتيجة الانكماش الاقتصادي الحاد الذي لن يوفّر أي دولة في العالم.

 

تطمينات خارجية للبنان: مقررات «سيدر» لم تسقط وعليكم الولوج بالإصلاحات

 

من المؤكد ان الحكومة متيقظة حيال ما نحن واصلون إليه، وهي مواكبة لتصديها المشهود له لمنع انتشار كورونا، فإنها بالتوازي تعكف على وضع الخطط والدراسات التي تؤهلها ليس لمنع تفاقم الوضع الاقتصادي والنقدي مع قابل الأيام، بقدر ما تعمل على فرملة هذا التفاقم والحد من الخسائر المتوقعة، وقد جاء الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا لممثلي مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في هذا السياق، حيث أكّد هؤلاء مجدداً لرئيس الجمهورية استمرار الرغبة الدولية في مساعدة لبنان على تجاوز أزماته، مع استمرار التمسك بالشرط الأساسي لتقديم هذه المساعدات الا وهو الإصلاحات، لكن من دون الكشف عن أية آلية محددة لشكل هذه المساعدات وما إذا كانت هذه الدول مستعدة لتقديم هذه المساعدات فور ان يعلن لبنان إنجاز اصلاحاته وحاجته للمال، مع ان الرئيسين عون ودياب أبلغا المجتمعين ان لبنان بات يقف على عتبة الولوج في إنجاز الإصلاحات المطلوبة رغم الأزمة المستجدة التي بعثرت كل الأوراق الحكومية، وباتت تشكّل اولوية لدى الدولة لمواجهتها، وهنا الكلام عن فيروس «كورونا».

 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل سقط ما تمّ اقراره في «سيدر» تجاه لبنان في ضوء مستجدات «كورونا» أم ان ما جرى في «سيدر» ما زال في منأى عمّا يعصف الآن بالعالم؟

 

صحيح ان البعض ينفي سقوط مقررات «سيدر» بالضربة «الكورونية» القاضية، ويحاول ان ينشر معلومات تفاؤلية حول هذا الأمر، غير ان الواقع الحالي يبعث على التشاؤم لجهة القدرة الدولية على تقديم المساعدات في وقت قريب، لا بل إن التشاؤم ناجم أيضاً عن سقوط لبنان كأولوية من الأجندة الدولية، وهو ما يعني ان متابعة مقررات «سيدر» لبنانياً ستكون محفوفة بالمخاطر، وان لبنان بات عليه زيادة سرعته في إنجاز الإصلاحات لوضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته، ولا سيما ان دبلوماسيين أجانب ابلغوا المسؤولين اللبنانيين ان بلادهم مستمرة في وعدها تقديم المساعدة للبنان لكن تبعاً لقدراتها، حيث برزت تحديات داخلية فرضت على هذه الدول ضخ أموال هائلة لدعم اقتصاداتها لم تكن في الحسبان.

 

وخلاصة القول ان الحكومة، وفق مصادر وزارية، ماضية في وضع خطة إنقاذية وتنفيذ ما وعدت به في بيانها الوزاري، لكن العبرة تبقى في مدى تجاوب المجتمع الدولي مع مطلب لبنان ومضيّه في تقديم المساعدات التي وعد بها.