Site icon IMLebanon

«كورونا والعالم».. الموجة الثانية  

 

فيما كان رئيس الحكومة حسان دياب يوزع الاتهامات في اجتماع الحكومة أمس بمحاولات النيل من حكومة، كانت الحقائق تتدافع وتتزاحم محليّاً وعالميّاً، حكومته أعجز حتّى عن تقديم لوائح صالحة لتوزيع المساعدات على اللبنانيين من دون «فضيحة مجلجلة»، حكومته أعجز حتى من مراقبة سحب البضائع والمواد الغذائية عن رفوف المحال و»ضبّها» في المستودعات، لم يكتفِ التجار بمضاعفة أسعارها ثلاث وأربع مرّات، يريدون استقبال شهر رمضان بأسعار تتضاعف عشر مرات ويزيد، حكومته لا تملك جهازاً ولم تشكّل حتى فريقاً لمراقبة لصوص اللقمة مثلما هي عاجزة عن كشف أسماء كبار اللصوص، حكومة حسان دياب «وين» والعالم «وين»!!

 

بالأمس كان رؤساء العالم يوهمون شعوبهم أنّ دورة الحياة عائدة عن قريب، سياسة «الهروب إلى الأمام» ليست إختصاصاً لبنانيّاً… دونالد ترامب كان يوهم الأميركيين أنّه «سيتّخذ قراراً بشأن إعادة فتح الاقتصاد قريباً بالتشاور مع حكام الولايات»، فيما كان مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية يعلن أنّ «تحديد الأول من أيار لرفع القيود عن اقتصادنا أمر مفرط في التفاؤل».. وفي فرنسا كان الرئيس الفرنسي يبلغ شعبه أن المدارس ستستأنف الدراسة في 11 أيار، من دون أن يقدّم لهم خطّة حمايتهم وحماية أطفالهم، ولم يلبث رئيس حكومته أن أعلن أنّ «فتح المدارس بدءاً من 11 أيار لن يكون ثمنه صحة مواطنينا»، العالم كلّه يهرب إلى الأمام… إيطاليا بكلّ رماد الموتى الذين أحرقتهم كشفت سفيرة لبنان فيها أنّ «الكثير من الإيطاليين يرفضون العودة للحياة الطبيعية بعد قرار الدولة إعادة فتح المكاتب وأماكن الأطفال»…

 

منظمة الصحة العالمية التي تجاهلت رسالة تحذر من كورونا في كانون الأول الماضي، كانت تعلن بالأمس أنّنا «لم نصل إلى ذروة تفشي كورونا بعد و90 بالمئة من الإصابات تأتي من أوروبا وأميركا، وأنّ نمط انتشار كورونا في أوروبا يختلف من بلد لآخر»، وكأنّ لا أحد يريد سماع الحقيقة، لا أحد يريد أن يواجه أنّنا علينا أن نتصرّف بواقعية وأن نأخذ بعين الاعتبار أنّنا في قلب مجهولٍ يفترسنا ولا نملك إلا الاحتياط والانتظار والوقاية،

 

التشاؤم والتفاؤل لا مكان له ولا للتعاطي به أسلوباً لمواجهة الوباء، ما أكثر الذين يعدون أنفسهم بلقاح غداً أو بعد غد، فيما الحقيقة أوضح من هكذا وهم، بالأمس توقعت منظمّة الصحة العالمية «ألا يتمّ التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا قبل 12 شهراً، مؤكدة «لم نصل بعد إلى ذروة الوباء».

 

العالم أمام الموجة الثانية من كورونا، ولا أحد يدري حتى الآن كم موجة ستلحق بأختها، الواقع أنّ حكومتنا في لبنان تصمّ مسامعها عن الوقائع العالمية لوباء يفتك بالجميع، وتحاول أن تقنع نفسها أن تحديد سقف لفحص الـ PCR يخفّض من أعداد الإصابات المعلنة! باختصار الواقع يأتي من الصين، مدير قسم الأمراض المعدية في شنغهاي توقّع أن تبدأ الموجة الثانية من الوباء في شهر تشرين الثاني من هذا العام المشؤوم، وأنّ الحسابات الرياضيّة تشير إلى أنّ البشرية لن تهزم الفيروس بحلول الصيف. الموجة الثانية قادمة، العالم كلّه سيبقى مقفلاً علينا، في هذا الوقت الاقتصاد يعيش مخاوف حقيقيّة من الانهيار، ماذا سيفعل العالم متى نفدت مؤنه، أخوف ما نخافه على هذا العالم أياماً أسوأ من أيّام «الشدّة المستنصريّة»، في ظل سياسة كونيّة تتواطأ على نفسها تحت عنوان «الهروب إلى الأمام»!