Site icon IMLebanon

كورونا والصحافة  

 

أوليفر دودن وزير الثقافة البريطاني أثار قضية ما ترزح تحته الصحافة الورقية تحت وطأة فيروس كورونا علماً أنها معاناة عالمية وليست وقفاً على المملكة المتحدة دون سواها. فقد أثار في مقالة أول من أمس على صفحات جريدة التايمز اللندنية ما تعاني صحف الورق في هذه الحقبة… ورأى دودن أن الصحف البريطانية هي طليعة وسائط الإعلام وهي ضرورية لمزيجها النابض بالحياة  وناشد الجمهور مواصلة شراء الصحف وسط المخاوف الواقعية من أن الناشرين على وشك الانهيار مع انخفاض مبيعات أكشاك المبيع وحجوزات الإعلانات بشكل حاد خلال «الإغلاق الكبير»(حال الطوارئ )…

 

وقد استوقفني هذا الكلام إذ قد تكون صحيفة الورق إحدى أكبر ضحايا كورونا الذي ضرب العالم قاطبة متخطياً الحدود والسدود زارعاً مئات ألوف الوفيات وملايين الإصابات متسببا بالخسائر بآلاف مليارات الدولارات. ورحت أتابع أوضاع الصحف في بلدان عدة ليتبين لي أن التوزيع هبط الى الحدود الدنيا ووصل الى حد الصفر أحياناً خصوصاً في أكشاك الشوارع وأنفاق المترو.

 

وفي وقت تعطى الأفضلية للأمن الصحي في مواجهة الفيروس أقفرت الشوارع من روادها وتجمدت حركة المترو تلازماً مع تنفيذ قرارات الحظر واقتصرت مغادرة الحجر المنزلي الإلزامي على الحالات الطارئة بات طبيعياً أن تصاب صحيفة الورق بضربة كبيرة وهي تعاني أساساً جراء المنافسة غير العادلة مع المواقع الالكترونية الفالتة من أي انضباط قانوني… علماً أنه في استطاعة أي كان أن يتخذ لنفسه ركناً صغيراً في منزله ويطلق منه موقعاً تحت تسميات عجيبة غريبة لا صلة لمعظمها بالحقيقة… وخذ على فبركة شائعات في السياسة والعلم والاجتماع والاقتصاد وحياة الناس الخاصة الخ… من ضخ الحكي ولا مسؤولية أو حد أدنى من المنطق والأخلاق…

 

وقبل هذه الجائحة التي أصابت صحيفة الورق كما ضربت قطاعات عديدة كانت الإعلانات قد نضبت أو كادت ونسبة المبيع قد هبطت ما دفع بالكثير من أمهات الصحف العالمية المطبوعة على ورق للتوقف عن الصدور والتحول إلى الدور الالكتروني.

 

وصحافتنا اللبنانية التي صنعت مجداً لهذا الوطن بدأت معاناتها منذ بضع سنوات ما أدى الى توقف واحتجاب بعضها ومواصلة البعض الآخر في السير على درب الجلجلة… وعبثاً سعى النقيب عوني الكعكي ومعه أعضاء مجلس النقابة لإيجاد حلول تسهم في الصمود لتجنيب الصحافة مصيراً محتوماً… وكثيراً ما كانت الزيارات الى كبار المسؤولين ووزراء الإعلام المتعاقبين… وفي اللقاء الأخير مع الوزيرة منال عبد الصمد بدت متفهمة ومتجاوبة ولكن كورونا دهمت وسرقت الاهتمام العام عن سواها…

 

والقضية تحتاج مزيداً من التفصيل إلا أن ما كتبه وزير الثقافة البريطاني عن محنة صحيفة الورق فتح جروحاً لم تندمل أصلاً… فكانت هذه العجالة.