IMLebanon

«لا نزال في منتصف الجائحة»: الأطفال ليسوا بمأمن من الوباء بعد الآن؟

 

منذ «اندلاع» وباء كورونا، سرت مُلاحظة عالمية أفضت إلى اعتبار الأطفال الحلقة الأقوى في معركة مرض كوفيد 19. إلّا أن معطيات جدّية جديدة تُحتّم إعادة النظر بمستوى الأمان الذي يحظى به هؤلا وتفرض في لبنان المزيد من التنبّه، وخصوصاً «أننا لا نزال في منتصف الجائحة»، على حد تعبير رئيس الحكومة حسان دياب الذي توقّع أمس موجة وباء ثانية أكثر انتشاراً من الأولى

 

نحو عشرة أطفال بعمر العاشرة وما دون مُصابون بفيروس كورونا في لبنان، وفق أرقام وزارة الصحة العامة التي تُشير الى أن 1.39% من الحالات تعود لهذه الفئة العمرية، فيما تبلغ نسبة الذين تتراوح أعمارهم بين العشرة أعوام والتسعة عشر عاماً الـ 7.79%، أي ما يُقدّر بنحو 57 مُصاباً.

 

هذه النسب التي تُعدّ ضئيلة مقارنة بعدد الإصابات الإجمالي تنسجم و»المُلاحظة» العالمية التي رافقت انتشار الوباء لجهة «تهميش» الأطفال واعتبارهم الحلقة الأقوى في استحقاق كوفيد 19 على اعتبار أنهم الأقل عُرضةً للإصابة.

إلّا أن مُعطيات مُقلقة بدأت تظهر في بريطانيا منذ أيام، تُفيد بالاشتباه بوجود علاقة بين فيروس كورونا ومرض «كوازاكي» (التهاب بالأوعية الدموية ويعود تاريخ اكتشافه إلى عام 1967 في اليابان ويعتبر الآسيويون أكثر عرضة للإصابة به)، فيما يبحث في الوقت الراهن عدد من الأطباء الإيطاليين والبريطانيين في وجود رابط بين فيروس كورونا ومجموعة من الأمراض الالتهابية الحادة التي تصيب حالياً الأطفال الذين يعانون من عوارض حمى شديدة وتورم في الشرايين. وذلك استناداً إلى أنّ نتائج الفحوصات المخبرية لكثير من الأطفال الذين تم تشخيصهم بمرض كوازاكي أظهرت إصابتهم بفيروس كورونا. وبمعزل عن الخلاصات التي قد تفضي إليها الأبحاث التي تتناول العلاقة السببية بين فيروس كورونا وأي مرض التهابي آخر يصيب الأطفال، فإنّ نقاشاً مهماً تقوده هذه المعطيات يرتبط بإعادة النظر بمستوى «الأمان» الذي كان يحظى به الأطفال في معركة وباء كورونا وبفرضيات تتعلق بأن نسبة الإصابات الضئيلة للأطفال قد يكون سببها «سوء تشخيص».

فبسبب استبعاد إصابة الأطفال بكوفيد 19 (نسبةً إلى أعداد المُصابين الضئيلة) لا يلجأ الكثير من الأطباء إلى طلب إجراء فحوصات الـ pcr المخصّصة للكشف عن كورونا للأطفال و»خصوصاً أن العوارض التي تظهر عند الأطفال تكون شبيهة إلى حدّ التطابق لأي فيروس تنفسي يُصيبهم، لذلك يتم تشخيص الكثير من الحالات باصابتها بفيروسات أُخرى»، على حدّ تعبير المُتخصّص في طب الأطفال هشام دباجة، مُضيفاً: «أحياناً الفحوصات التي تتم لأنواع أخرى من الفيروسات والتي تأتي إيجابية من الممكن أن يكون صاحبها حاملاً لفيروس كورونا أيضاً».

هذا الكلام ينسجم وما يقوله الاختصاصي في طب الأطفال والعناية الفائقة لحديثي الولادة في مُستشفى رفيق الحريري الحكومي نوفل اسماعيل نوفل لـ«الأخبار» لجهة أن الكثير من الأطفال من الممكن أن يكونوا مُصابين بفيروس كورونا ولا يتم إجراء الفحوصات لديهم «لأن الكثير من الحالات عوارضها خفيفة»، مُشيراً إلى ميل الأطباء في الغالب إلى التشخيص بأنواع أخرى من الفيروسات التي تملك عوارض مُشابهة.

 

من بين الإصابات الست التي سُجلت، أمس، ثلاث إصابات تعود لوافدين على متن رحلات الثلاثاء

 

 

حتى الآن، لم يتم تشخيص أي رضيع في مُستشفى رفيق الحريري الحكومي بإصابته بكورونا «لكنّ الشك والاشتباه بحالات حصل عدة مرات وهو وارد كثيراً»، وفق نوفل، فيما يرى دباجة أنه لا يُمكن القول اليوم إن الأطفال والرضع هم بمأمن من الفيروس.

ولئن كانت خطورة إصابة الأطفال بكورونا أقلّ من إصابة البالغين وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة لجهة حدّة الالتهاب الرئوي وغيرها من تداعيات مرض كوفيد 19، إلا أن التنبّه لإصابتهم ضروري لجهة إمكانية تسببهم بعدوى لذويهم من جهة، واحتمال ارتباطه بأمراض أخرى وفق ما تفترضه الأبحاث الراهنة من جهة أخرى.

ويأتي الحديث عن إصابات الأطفال وأهمية التنبه لها وحمايتهم من الوباء فيما لا يزال الترقّب يسود المشهد الكوروني في لبنان. فعلى الرغم من إيجابية الأرقام التي لا يزال يُسجّلها، «فإننا نتوقّع موجة وباء ثانية أكثر انتشاراً من الأولى»، على حد تعبير رئيس الحكومة حسّان دياب، مُحذّراً من التسرّع في رفع الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، ومُضيفاً: «لا نزال في منتصف الجائحة»، علماً بأن كلام دياب يُكمّل ما سبق أن ورد على لسان وزير الصحة العامة حمد حسن وممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي بشأن التحذير من موجة ثانية.

وبالعودة إلى عدّاد كورونا، كانت وزارة الصحة العامة قد أعلنت ظهر أمس عدم تسجيل أي إصابات جديدة في صفوف المُقيمين (من بين1367 فحصاً)، فيما سُجّلت أربع إصابات بين الوافدين (من بين 686 فحصاً)، ثلاث منها تعود إلى مُغتربين أتوا على متن الدفعة الأولى من رحلات الجولة الثانية من مرحلة «إجلاء» اللبنانيين التي وصلت يوم الثلاثاء الماضي.

ومساءً، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الدولي تسجيل إصابتين من بين 178 فحصاً مخبرياً، لتصبح حصيلة يوم أمس 6 إصابات جديدة، ما يرفع العدّاد إلى 727 حالة. ووفق البيان الصادر عن وزارة الصحة العامة، فقد توزّعت إصابات الوافدين الجدد الثلاثة على الشكل الآتي: إصابة آتية من الكونغو، واحدة من باريس، وأخرى من ليبيريا. أمّا الذين وصلوا من لارنكا، الدمام، ولاغوس، فلم تُسجّل بينهم أي إصابات.

وأشار البيان إلى أنه «سيتم إعادة الفحص لراكبَين آخرين كانا على متن رحلة باريس للتأكد من إصابتهما أو عدمها»، لافتاً إلى أنه سيتم نقل الحالات المُصابة إلى المُستشفى مع التشديد على تطبيق الحجر الصحي المنزلي للحالات السلبية «علماً بأنه ستتم متابعتهم يومياً من قبل الوزارة وسيحال من تظهر عليه أي عوارض الى المُستشفى لإعادة الفحص المخبري».

إلى ذلك، وصلت، أمس، الدفعة الثانية من المغتربين عبر ست طائرات حطّت في مطار رفيق الحريري الدولي وأقلّت 513 راكباً أتوا من كل من الدوحة (121 شخصاً)، بغداد (77 شخصاً)، مسقط (76 شخصاً)، لندن (120 شخصاً) وبورت هاكورت ــــ نيجيريا (119 شخصاً).