IMLebanon

بين المال وأرواح اللبنانيين

 

هل يسير لبنان على خطى إيطاليا التي سجّلت ثالث أعلى حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا بأرقام الوفيّات بوباء كورونا وعشرات آلاف الإصابات به، ثمّة قلق عارم يضرب اللبنانيّين خصوصاً الّذين يلتزمون بكلّ التعليمات الوقائيّة من كورونا فيما يجدون في المقابل مصابون سواءً من المقيمين والوافدين حديثاً لا يأبهون بل يختلطون إجتماعياً برغم معرفتهم أنّهم يحملون الفيروس فينشرون الوباء في محيطهم بأكمله، وبالطبع سنكون سخفاء جداً إن صدّقنا تحذيرات وزير الصحة حسن حمد التي هدّد بها مواطنين غير مسؤولين في الوقت الذي كان هو فيه نموذجاً سيئاً لهذا المواطن المتفلّت في صورته الآتية من بعلبك محمولاً على رقبة مواطن يرقّصونه على الأكتاف وهو يحمل بيديه السيف، هذه الصورة مع حالة التسيّب التي كرّرته تصريحاته المستقوية تحت عنوان “لن نقفل البلد” أوصلتنا إلى هنا! وسنكون سخفاء جدّاً إن صدّقنا “خبريّة” ضبط الـ 50 ألف ليرة لعدم وضع الكمّامة، هذا قرار سابق مأخوذ ولم يجرِ تطبيقه بحزم، اعتاد اللبنانيّون أنّ القوى الأمنيّة تتشدّد “أبو يوميْن” وبعد “يُرخى الحبل” على غاربه!!

 

قد يكون تساؤل الدكتور فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري أصاب قلب الحقيقة “نحن نحدق في هاوية صحية أو اقتصادية  أو كليهما ، فما هي الخيارات التي لدينا؟”، مع ملاحظة أن واحدة من حالات المساهمة بنشر وباء كورنا هو الاكتظاظ الذي تشهده مستشفى الحريري لتجمعات المنتظرين لإجراء فحص الـ PCR وأغلبهم من النازحين السوريين، من دون أن يتم حتى الآن إيجاد حلّ لهذا الاكتظاط !! السؤال الحقيقي هو ما الّذي تفضّل الدولة اختياره، هل ابقاء البلد مفتوحاً والمطار مفتوحاً حرصاً على “الدولار” الذي يدخل للبلاد؟ حتى المواطن اللبناني إذا سألته ماذا يختار، فسيختار “المصاري” غير عابىء بعمليّة الانتحار الجماعي التي يتسبب بها وضع البلد السائب ولن يطالب هذا المواطن بالعودة إلى سياسة الإقفال لوقت محدود لضبط عدّاد الإصابات اليومي بكورونا، إلا متى وصل الموس إلى رقبته ودخل كورونا بيته؟

 

أزمة الاختيار بين الإقفال والنتائج التي تترتب على الاقتصاد بسبب ليست أزمة تخصّ لبنان فقط، فالأمر نفسه في كلّ دول العالم بالأمس صرّح رئيس وزراء فرنسا جان كاستيكس لإحدى الصحف الفرنسية أنّه “نتجنب إعادة فرض حجر صحي لأنه سيكون كارثياً”، غداً سيجتمع المجلس الأعلى للدفاع أخوف ما نخافه أن يكتفي المجلس بما تردّد إعلامياً بأنّ التوجه هو نحو رفع توصية الى مجلس الوزراء لفرض تدابير صارمة وإجراءات وقاية وعقوبات مشددة جداً، وأغلب الظنّ أنّ هذا كلّه لن يكون كافياً!

 

مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الطبية بترا خوري رفعت الحرج عن نفسها وعن رئيس الحكومة حسان دياب على طريقة “اللهم اشهد إنّا قد بلّغنا” عندما سارعت إلى التغريد ”سنبدأ قريبًا برؤية مشاهد مروعة في مستشفياتنا مثل باقي البلدان”، وحذّرت أنّه “على هذه الوتيرة، ستمتلىء أسرّة العناية الفائقة بحلول منتصف آب”، قائلة: “نحن في مرحلة خطيرة جدًا”، نريد فقط أن نضع هذه التحذيرات عالية النبرة بين يديْ الذي ضحكوا على اللبنانيين وأعطوهم جرعة التجرّؤ على كورونا عندما خدعوهم بأن كورونا لن يعود إلا في تشرين الأول!!