يستغل اللّبناني الأزمات ويحوّلها مصدر رزق، ولو بطرق غير شرعية، ويقتحم هذا الاستغلال الجانب الانساني على قاعدة «الغاية تبرّر الوسيلة»، ويتحوّل فيروس كورونا لدى هذه الفئة «نعمة لا نقمة» طالما أنّه مرض يساعد هؤلاء في كسب مزيد من الاموال.
تسود شائعات بين اللبنانيين عن تقديم عدد من المستشفيات إغراءات مالية لأهالي المتوفيّن فيها مقابل ادعائهم أنّ مرضاهم توفوا بفيروس كورونا. إذ يعرض القيّمون في عدد من مستشفيات البقاع على أهل الفقيد وقبل تسلّيمهم جثّته، مبلغاً من المال يبدأ من 5 ملايين ويصل إلى 20 مليون ليرة، وذلك لقاء تصريحهم أنّ فقيدهم توفي جرّاء إصابته بجائحة كورونا.
وهذه الظاهرة التي تكرّرت مع أكثر من عائلة في بعض المستشفيات، طرحت علامات إستفهام كثيرة حول صحّة أرقام الوفيّات بوباء كورونا، التي تصدرها وزارة الصحة يوميّا، فتأتي مرتفعة حيناً ومنخفضة أحياناً أخرى، ما ترك إلتباساً لدى اللّبنانيين.
ولكن، لماذا قد تلجأ المستشفيات الى «ألاعيب» كهذه؟ ومن هو المستفيد؟ وما دور كلّ من وزارة الصحّة ومنظمة الصحّة العالمية والبنك الدولي؟
في المبدأ، تواجه وزارة الصحة انتشار فيروس كورونا من خلال القرض الذي حصلت عليه من منظمة الصحة العالمية، وعمدت من خلاله الى تجهيز عدد من المستشفيات الحكومية، وفق خطّة وضعتها لهذه الغاية. كذلك تغطي الوزارة كلفة علاج مرضى كورونا في المستشفيات الخاصة، الّا أنّها لم تحدّد سقفاً مالياً لهذه الخطوة، في إعتبار أنّ المرض حديث وتكاليف معالجته لم تقدّر أو تحدّد بعد.
ووفق الرواية، يستغل بعض المستشفيات تغطية وزارة الصحة الكاملة لمرضى الكورونا، فتعمد الى تسجيل عدد من حالات الوفاة تحت هذه الخانة، لأنّ حالات العلاج للأمراض الاخرى تخضع لسقوف محدّدة، لا تصل الى مئة في المئة سوى للذين تتخطّى اعمارهم الـ 64 سنة وهم غير مسجلين في الصناديق الضامنة وتعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. في حين أنّ الفئات الأخرى ما دون الـ 64 سنة تتكفل بفاتورتها الاستشفائية الصناديق الأخرى. أمّا في ما يخصّ مرضى الكورونا، ومهما كانت أعمارهم، فتتكفّل الوزارة بمصاريفهم الإستشفائية مئة في المئة.
وزارة الصحة
وينفي مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف حلو لـ»الجمهورية»، نفياً قاطعاً هذه الروايات، مشدّداً على دور الوزارة في مراقبة ملف المريض المصاب بكورونا، الذي يخضع عند دخوله لفحوص وفق «كودات» محدّدة، يُشرف عليها الطبيب المراقب التابع للوزارة، والذي يرفع بدوره الملف الى لجنة متخصصة تابعة للوزارة ايضاً، والاطلاع عليه لمعرفة مدى مطابقته للشروط التي حدّدتها الوزارة.
ويكشف حلو عن «لجنة مراقبة تمّ تشكيلها في هذا الاطار، مهمتها زيارة المستشفيات والإطلاع على ملف المرضى ومدى مطابقته للتعليمات والاجراءات الصادرة عن الوزارة». ويقول، إنّ مكتبه «مفتوح لجميع الذين لديهم شكاوى، أو طُلِب منهم تسجيل حالة وفاة في خانة كورونا، لتقديم شكوى ضد المستشفى ومقاضاتها وسحب الرخصة منها، في حال ثبوت تورطها، لأنّ وزير الصحة لا يقبل بهذا الامر، وهو يعتبر المعركة ضد كورونا وطنية، ومن المعيب استغلال مشاعر الناس، لانّه خيانة عظمى». وتعهّد حلو، بصفته رئيس لجنة التدقيق، «محاسبة من يقوم بهذه الأفعال».
البنك الدولي
وفيما إنتشرت في الآونة الأخيرة أخبار مفادها أنّ وزارة الصحة إستحصلت على قرض من البنك الدولي لصرفه على معالجة مرضى كورونا، أوضح حلو، أنّ الوزارة ومن خلال إجتماعاتها مع البنك الدولي، استطاعت اقتراض مبلغ 40 مليون دولار لتغطية نفقات علاج المصابين بكورونا في المستشفيات. لكنه اكّد، انّه لم يتمّ إستخدام هذا القرض بعد، وأنّ آلية صرفه ستخضع لتدقيق البنك الدولي.
هارون
أمّا نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون فأوضح لـ «الجمهورية»، أنّ أي مريض في السكرّي، أو السرطان، وإلتقط عدوى كورونا وتوفيّ، تعتبر المستشفى أنّ سبب وفاته هو فيروس «كورونا»، وهذا ما قد يخلق نوعاً من سوء التفاهم لدى البعض»، كاشفاً في الوقت عينه أنّ «هذه القاعدة عالمية ولا تُتبع في لبنان فقط».