بحلول نهاية الشهر الجاري، يتوقع أن يتجاوز عدد المرضى المُصابين بفيروس «كورونا» ممن يحتاجون إلى العناية الفائقة عدد الأسرّة المتوفرة في لبنان، بحسب ما خلص إليه بحث أعدّه أستاذ الفيزياء في الجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الدولية عمر ديب وأستاذة الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية مايا جلول، درسا أربعة سيناريوات لوتيرة انتشار الفيروس حتى آخر أيلول الجاري، وتتدرج «من مستوى الانتشار الأقصى الذي سجل عقب انفجار مرفأ بيروت إلى مستوى الانتشار المضبوط عقب إعادة فتح البلاد تدريجياً».
البحث استند إلى الداتا المتوفرة منذ بداية انتشار الفيروس (21 شباط الماضي) واعتمد على نماذج محاكاة رياضية، ليصل إلى أن عدد الإصابات بحلول 30 أيلول سيتراوح بين 39 ألف إصابة و74 ألفاً، وأن عدد الإصابات المسجّلة يومياً قد يتراوح بين 930 و3400، «بحسب جدية إجراءات التباعد الاجتماعي ومدى الالتزام بها».
واستناداً الى أن 1% من المصابين يحتاجون إلى العناية الفائقة، توقع البحث أن يصل عدد هؤلاء بنهاية الجاري إلى أكثر من 336 (وهو عدد الأسرّة الذي أعلنت وزارة الصحة توافره) في حال استمرار انتشار العدوى على وتيرته الحالية، «وهذا يشكّل خطراً فعلياً على قدرة القطاع الصحي على استيعاب هذه الحالات، وخصوصاً أن أسرّة العناية الفائقة لا يحتاج إليها فقط مرضى الكورونا، بل عدد كبير من ذوي الأمراض المزمنة. ومع استمرار الاسترخاء في تطبيق إجراءات التباعد، قد يصل القطاع الصحي إلى حالة الإشباع وعدم القدرة على استيعاب حالات جديدة قبل انتهاء أيلول»، و«هذا ما من شأنه أن يشكل كارثة صحيّة وأن يرفع عدد حالات الوفيات ويترك عشرات المرضى خارج غرف العناية الفائقة».
وسبق للباحثَين أن نشرا دراسة علمية في تموز الماضي استشرفا فيها عدد الحالات المتوقعة على مدى 6 أسابيع، وقد تطابقت نتائج الإصابات يومها مع الأرقام التي وضعاها.
وتبدو هذه التوقعات منطقية استناداً إلى عدد الإصابات الذي يسجل يومياً. فقد أعلنت وزارة الصحة مساء أمس تسجيل 438 إصابة (435 مُقيماً وثلاثة وافدين) من بين 5446 فحصاً (أقل من المعدل العام نظراً إلى أن عدداً من المختبرات لا يعمل يوم الأحد)، ليرتفع بذلك عدد المُصابين الفعليين إلى 12 ألفاً و765، فيما سُجلت 7 وفيات ليصل إجمالي الوفيات إلى 167، علماً بأن عدد المُصابين المقيمين في المُستشفيات وصل إلى 346، بينهم 96 في العناية المُركزة، فيما ارتفع عدد المُصابين العاملين في القطاع الصحي إلى 624 مع إعلان أربع حالات جديدة.
وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أسف، عقب ترؤسه اللجنة العلمية في الوزارة أمس، لـ«عدم وجود دلائل ميدانية على إيجابية النتائج التي كانت متوقعة من التعبئة العامة. وكرر ضرورة «المواءمة بين حاجة الناس إلى الحركة الاقتصادية وحاجة الجميع للحد من انتشار الوباء ما أمكن». إلا أن اللافت هو ما أشار إليه حسن لجهة وجود تحدّيين تواجههما الوزارة حالياً، الأول يتمثّل «بوجود نحو 35 إصابة في دار للعجزة ويتم العمل على تحديد طريقة تدخل ومواكبة فاعلة وناجعة تحول دون تسجيل عدد مرتفع من الوفيات»، والثاني يتمثّل بالإصابات المُسجّلة بين عاملين أجانب من جنسيات مختلفة، فضلاً عن تسجيل حالتَي وفاة بالوباء عن عمر مبكر في العقد الثالث، «وهذا أمر خطير يدل على ضرورة حجر المُصابين والتزام الصدق والشفافية (…)». وأعلن تأمين مُساهمة من احتياطي الموازنة قدرها 15 مليار ليرة ستوزع لدعم عشرة مُستشفيات حكومية في مختلف المناطق، فيما أوضح رئيس هيئة الرقابة على المُستشفيات الحكومية في الوزارة أنطوان رومانوس أن المُساهمة ستُخصّص لاستكمال أعمال وتأهيل وتطوير أقسام وفق السياسة التي حددتها الوزارة بهدف احتواء الجائحة، لافتاً إلى أن آلية الإنفاق «ستكون واضحة وشفافة وستكون هناك لجنة رقابة من قبل الوزارة (…)».