باتت كورونا في الوقت الراهن، مالئة الدنيا، وشاغلة الناس.. فهذا الوباء الغريب العجيب، حيّر الناس، وفرض على العلماء، إجراء اختبارات بالجملة والمفرّق، لاكتشاف لقاح يحدّ من خطورته او دواء يشفي من الإصابة به.
كثرت الأبحاث، وتعدّدت الاتجاهات، وتنوّعت أساليب البحث حسب البلد الذي تجرى فيه التجارب، فمن الصين مصدر الوباء الى الولايات المتحدة الأميركية، وايران، والى كل دولة من دول العالم، حركة علميّة لا تهدأ بغية التوصل الى ما يريح العالم من شر هذا الشرّ المستطير.
في بداية تفشّي هذا الوباء، ظنّ الكثيرون انه فيروس عادي يمكن إبعاده بدواء بسيط، ولم يكن أحد يدري مدى صعوبة المرحلة وخطورتها، وان هذا الوباء عصي على «الكسر او الهزيمة»… حتى ان عدد الاصابات في العالم زاد على التسعين مليونا، سُجّلَ منها مليونا حالة وفاة مع خمسين مليون حالة شفاء.
من هنا يكتشف المرء خطورة هذا الوباء، وسرعة تفشّيه ما يفرض على حكومات الدول، التنبّه اليه، والعمل بجدية على فرض تدابير، تحدّ من خطورته، وإيجاد اللقاحات اللازمة لمنعه من الانتشار أكثر.
وهناك طريقتان اتُّبعتا لمقاومة هذا الفيروس المستجد… الأولى عدم الاكتراث بالوباء واتباع سياسة «مناعة القطيع» كما حدث في الولايات المتحدة، وبريطانيا وغيرهما، فكانت النتائج كارثية وأرقامها خيالية:
الدولة
الولايات المتحدة
بريطانيا
فرنسا
ايطاليا
اسبانيا
عدد الاصابات
22 مليون اصابة
3 ملايين
مليونا اصابة
مليونا اصابة
مليونا اصابة
الوفيات
372 الف وفاة
80 الفا
68 الفا
79 الفا
67 الفا
أما الطريقة الثانية فترمي الى الإقفال…
وأنا أرى أن أفضل وسيلة هو شبه الإقفال، بمعنى أن يكون الإقفال مدروسا.
ما يهم اللبنانيين من كل هذا، أن يأخذوا الأمور بجدية، فالابتعاد عن الاستخفاف بالوباء واجب وضرورة، لأننا نرى ان اللبنانيين، وللأسف الشديد، بأكثريتهم، يقيمون الولائم والحفلات والأعراس، غير آبهين بالوباء، وكأنهم في عالم آخر.
أذكّر بما فعلته مجموعة كبيرة من الناس في منطقة فاريا، حيث أصيب العديدون بالفيروس نتيجة الاستهتار.
كما أذكّر بحفلات عيد الميلاد ورأس السنة حيث ارتفع عدد الإصابات الى الألفين ثم الى الخمسة آلاف… ويعلم الله الى أي جهة ومآل نحن سائرون.
المستشفيات امتلأت »فوّلت«، ولم يعد هناك أسرّة تستقبل المصابين..
ونتساءل: ما العمل للحد من خطورة هذه المأساة؟
أولاً: الحل بسيط ومعقّد في آن. بسيط لأنه واضح، أما أنه معقّد فلأنه بحاجة الى تعاون المواطنين، وتمسكهم بالحَجْرِ، والكمامة، والتعقيم… ألا يبدو هذا بسيطا إذا حُمِلَ على محمل الجد؟
ثانياً: يُطالبُ اللبنانيون بالابتعاد عن التجمعات الكبيرة، والتنبه للمسافة الآمنة.
ثالثاً: هنا تبرز مسؤولية دور العبادة، من مساجد وكنائس إذ عليها منع التجمعات الكبيرة، وفرض رقابة صارمة على المتعبّدين للتمسك بوجود الكمامات والتباعد الاجتماعي.
رابعاً: أما الدولة، فعليها واجب كبير… وهنا لا أريد تحميل وزارة الصحة وحدها عبء هذا الانهيار الصحي… فأين اللقاحات؟ وهل تحتاج الى كل هذا الوقت ليُبَتَّ الأمر بها؟
وأين شركات الأدوية؟.. فالوقت ليس وقت أرباح تُجنى بكثرة، بل الوقت وقت العمل الجاد لدرء الخطر بسرعة..
فالدولة قادرة على مراقبة عملية استيراد الأدوية ومن ثمَّ توزيعها على الصيدليات… وهذا أمر ليس بالمستحيل…
خامساً: واجب الدولة أن تسهر على راحة المواطن وسلامته، وتأمين ما يحتاج إليه، خصوصاً في ظلّ هذا الوباء المستشري، وفي ظل وضع اقتصادي منهار وأخيرا أتمنى على وزارة الصحة وضع سلّم أولويات، يتضمن تأمين اللقاحات بأسرع وقت ممكن… وأطالب الدولة بفرض إقفال مدروس تماماً لا يراعي أحداً، وإلا فالكارثة تتفاقم بسرعة جنونية… والآتي أعظم.