تتصاعد أرقام وفيّات كورونا بشكل مخيف ويومي، وقد سجّل الأمس 67 حالة وفاة، وهذا رقم مخيف في لبنان ويستدعي أن يأخذ اللبنانيّون على محمل الجدّ إلى أبعد الحدود، إضافة إلى ذلك سجّل الأمس نبأ صاعقاً مع إعلان إصابة الرّضيع مازن محمد المقدّم إبن الـ 4 أشهر وهو أصغر مصاب بكورونا في لبنان وإصابة شقيقته حنان المقدّم ذات الـ 6 سنوات أيضاً إضافة إلى إصابة والديهما، ونتساءل أمام بلوغ الوباء أبناءنا الرضّع وأطفالنا هل سيبقى اللبنانيّون المتذمّرون يتسلّلون من بوّابة الحديث عن الاستثناءات بعدما تمّ تجريبها فأوصلت لبنان إلى هذه المرحلة المخيفة حتى بتنا أمام ما يعرف بمرحلة التفشّي المنزلي!
ما الذي كان اللبنانيّون ينتظرونه بالأمس من المجلس الأعلى للدّفاع وبين يديه معطيات مخيفة عن واقع تفشّي الوباء وواقع الوضع الاستشفائي في لبنان، بالأمس نقل الفنان ميشال تابت إلى المستشفى بعدما تدهورت حالته لكنّه مكث فيه ينتظر أن يحصل على قنينة أوكسيجين، وضع البلد مأساوي بقدر النقاط التي تبعث على الأمل نجد الوباء يسابقها ويسبقها، يظنّ اللبنانيّون أنّهم وحدهم الذين يعانون مع أنّ العالم من حولنا يتهاوى تحت وطأة الوباء، رئيس أقوى دولة في العالم دخل بالأمس البيت ليكون أوّل قرارته الكمّامة والقفازات في وجه كورونا، وكانا الحاضريْن الأكبريْن في حفل تنصيبه، بريطانيا أعلنت أمس أنّها سجّلت خلال 24 ساعة 1290 وفاة وأكثر من 37000 إصابة، إيطاليا أعلنت أيضاً أنّها سجّلت 521 وفاة و14078 إصابة جديدة بفيروس كورونا، حتى إفريقيا أعلنت أنها سجّلت معدّل إصابات ووفيّات أعلى من المعدّل العالمي، فيما حذّر بالأمس البنك المركزي الأوروبي من تدهور اقتصاد الاتحاد الأوروبي بفعل وباء كورونا، علينا كشعب يعيش مع العالم هذا الطاعون الأسود الذي يتسلّط كلّ مئة عام على البلاد والعباد ويقطعونه في سنين، نحن كهؤلاء الذين سبقونا وواجهوا أوبئة ولم يكونوا يملكون القدرات الطبيّة المتوفرة لنا اليوم، لقد مرّ عام على تفشّي وباء كورونا، وقد يمر عام ثانٍ وثالث، هل سيبقى اللبنانيّون يتصرّفون بهذه الخفّة والأنانيّة والنقّ؟!!
هناك مسؤوليّة على الشعوب تحمّلها في المواجهات العامّة وأوّلها التحلّي بالصّبر والأخلاق والحرص على عدم التسبب بنقل العدوى للآخرين والتسبّب بموتهم، ما الذي بإمكان أي لبناني عاقل أن يقوله عندما يقرأ عن حفلٍ عامر لفنانة وشقيقها فنان حفل حاشد من دون وقاية، ما هو العقاب المناسب لهذيْن عندما يكتبان أنهما خضعا لفحص PCR وكانت نتيجة إيجابية ويطلبان من ضيوفهم أن يخضعوا للفحص، ألم يحديث نفس السيناريو في عشاء قرأنا عنه ليلة رأس السنة؟ ما الذي يجب أن يخضع له 50 شخصاً أقاموا حفل زفاف في بحنّين “بالمخفي” ولكن ضبطتهم قوى الأمن، من يتحمّل وزر تفشّي كورونا بينهم مع ظهور أوّل إصابة، هذه اللامسؤولية في التعاطي تستدعي تشديد الحجر لأنّ عدد المتهوّرين غير المبالين أكثر بكثير من الحريصين والملتزمين، هذا الاستهتار يجب مواجهته ومحاسبته بطريق قاسية لأننا أمام وباء، ووضع صحي إستشفائي مأساوي والبعض يريد فقط أن يطبّل ويرقص ويسكر، “خلصنا بقى”!!
وبالرغم من غرق العالم بمواجهة الوباء السياسية لا تزال تحتل الصدارة مع التفجير الإنتحاري المزدوج في العراق صباح أمس وهو وإن كان يشي بأسلوب داعش، فهو أيضاً يكاد يكشف من يقف وراءها في رسالة واضحة للرئيس الأميركي جو بايدن بُعيد دخوله البيت الأبيض،ستكثر اضطرابات المنطقة وتفجيراتها وعلينا أن نخاف على لبنان الذي تعصف به هشاشة حكمٍ متصدّع متناحر حتّى في عزّ الحرب الأهليّة لم يعش لبنان سنوات أرهقته كما هذه، فالأجندة الإيرانيّة كلّفت لبنان الكثير حتى الآن منذ العام 2006، وكثير من المراقبين يتوقّعون إشعال إيران الوضع في الدول التي تضع يدها عليها فاتحةً بهذا الباب بينها وبين التفاوض مع جو بايدن الذي ينتظر منه أن يكمل ما بدأه باراك أوباما، فما الذي ينتظر المنطقة مخيف ويثير القلق سلباً كان أم إيجاباً!!